الحزب السوري القومي الاجتماعي
عمدة القضاء
في القضاء.. وقفة عز
ّ«نحن نقوم على أساس مبدأ واضح هو حرّية إرادة الشعب لأنّ الاستقلال، والبلاد، وكلّ ما هو في النطاق الذي نحيا فيه هو وقف على إرادة الشعب وليس الشعب وقفًا على شيء منه. وإنّ درس الحكومات من هذا الحدث يجب أن يكون- أن تعرف الحكومات أنّ الحرية هي للشعب، وأنّ العزّ للشعب، وأنّ الشعب هو صاحب السيادة في وطنه» سعاده، 1949.
منذ أنشئ الكيان اللبناني، من مئة عامٍ، وسلطته تنصاع لكلّ الإرادات الأجنبيّة التي استطاعت الوصول إليه، يقوم بتوزيع التعليمات فيه موظّفون في وزارات خارجية بلادهم، أي السفراء، يفرضونها على المسؤولين من رؤساء ووزراء ونواب في لبنان، ونادرًا ما تجرّأ أحدهم على إقفال الباب أمام هذه التدخّلات. ووصل بهم الأمر إلى إهانة اللبنانيّين في عقر دارهم، وإعلان ضرورة إسقاط الحكومة أو الإبقاء عليها، كما لو أنّ الأمر لهم، وحتى إهانة الوزراء دون رادع أو معترض. في مقابل هذه الحالة المهينة، وتلكّؤ وزارة الخارجية عن محاسبة السفراء، وقف قاضٍ ليعيد شيئًا من كرامةٍ مهدورة ويدرأ بعضًا من فتنة تُحرّك، فكان الجواب استدعاءه أمام التفتيش القضائي، في حين يسرح ويمرح بعض القضاة، وارتكاباتهم في مخالفة القانون واضحة للعيان ولا من يسائل، وتعلن وزيرة العدل أنّها لا تتدخّل في شؤون القضاء، ثم تطلب إحالة القاضي إلى التفتيش القضائي، فيوافق مجلس القضاء الأعلى المنادي بـ”استقلاليّة القضاء“، ولا تثور كرامته على ما يطال القضاء اللبناني من اتّهامات بالفساد والانصياع لما هو غير القانون، وكلّ ذلك انصياعًا للإرادة الأميركيّة. «تفعل الأمم الغبية بأبطالها ما تفعله الأطفال بألعابها، تحطّمهم ثم تبكي طالبة غيرهم» (سعاده، 25 آب 1946)، فهل سنبكي غدًا على انهزامنا أمام صلف الخارج؟استقال القاضي محمد مازح حفظًا لكرامته وكرامة القضاء، في زمنٍ عزّ فيه الرجال في سدّة المسؤولية، فكانت استقالته إعلانًا صريحًا بأنّه ما زال في هذا الشعب رجالٌ يرفضون الذلّ ويعملون لمصلحة شعبهم.كم هي حاجتنا، في هذا الزمن العصيب، لقضاةٍ وضعوا نصب أعينهم أنّهم ينفّذون إرادة الشعب، ويعملون لمصلحته، لاستقلاله، لحريّة إرادته.«إن فسُد الملح فبماذا يملّح؟»، تمرّس بها القاضي مازح، فكانت إشراقة تخترق ظلمةٍ كالحة.
المركز في 2020.06.30
عميدة القضاء
الرفيقة علا الغناج
اجاز نشر هذا البيان رئيس الحزب الرفيق د.علي حيدر