العدد 4/76 • أيّار – حزيران 2008

كلمة الزعيم:
هذا ليس آخر جواب نعطيه لليهود

عن «النظام الجديد»، الحلقة 13، كانون الأوّل 1950، ص 55
الخطاب الّذي ألقاه الزعيم في حفلة منفِّذية السيّدات في برج البراجنة، “لبنان” في أوّل حزيران 1949 أي قبل حادث الجميزة بعشرة أيّام وقبل استشهاده بثمانية وثلاثين يومًا.

أيّها السوريون القوميون الاجتماعيون!
ذكّرني وذكّركم الرفيق حايك، في كلمته عن كيفية انتمائه إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، أمرًا لم أكن أنساه وأعتقد أنّكم أيضًا لم تنسوه ولن تنسوه، هذا الأمر هو ما أعلنته في رسالة 2 تشرين الثاني 1947، إذ قلت “إنّ مقرَّرات منظمة الأمم المتّحدة لا يمكن أن تقرّر مصير الأمّة السوريّة وأنّها في كلّ ما يعني مصير الأمّة السوريّة باطلة لا تحمل إلاّ الظلم والعدوان على الأمّة السوريّة وحقّها في الحياة”.
منذ ذلك اليوم والتاريخ يدور. وفي دوران التاريخ مرّت أحداث غيّرت أوضاعًا كثيرة على هذا المسطَّح الّذي يُعرف بسورية الطبيعية. فقد نشأت في الجنوب الغربي دولة جديدة هي الدولة اليهودية، ومع أنّ الدولة الجديدة قائمة بالفعل، ومع أنّي كنت أوّل من أعلن وجوب أخذ وجود تلك الدولة بعين الاعتبار، فإنّ تصريحي في 2 تشرين الثاني 1947 لا يزال قائمًا لأنّه تصريح يربط إرادة أمّة حيّة بأسرها.
إنّنا قد أعلنّا بطلان تلك المقرَّرات ليس فقط من الوجهة الحقوقية الأنترنسيونية القانونية بل من وجهة مبدأ القوّة الّتي تؤمّن حقّ أمّة في الحياة.
تقوم اليوم في الجنوب دولة جديدة غريبة كنت أترقّب قيامها وأعلنت أنّها ستقوم قبل أن تعلن هي عن نفسها، لأنّي كنت أرى التخاذل السوريّ سيوجدها حتمًا. ولكنّي، كما أعلنت قيام تلك الدولة، أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها.
إنّي أعلن محق تلك الدولة الغريبة ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعدّه الحزب السوري القومي الاجتماعي من بناء عقديّ وحربيّ يجعل من سورية قوّة حزبية عظيمة تعرف أنّ انتصار المصالح في صراع الحياة يُقرَّر بالقوّة بعد أن يُقرَّر بالحقّ.
وهذه الدولة الجديدة نشأت في الجنوب بفضل تفسّخ مجتمعنا النفسي، وبفضل المنازعة بين حكوماتنا السوريّة وانقسامنا بعضنا على بعض، بفضل هذه الأمور أكثر كثيرًا ممّا هو بفضل المهارة اليهودية الزائفة الّتي يقف أحد أبطالها اليوم يدّعي أنّها هي، ونحن نعرف ما هي وما هو هزالها، الّتي أنشأت الدولة اليهودية.
إنّ الدولة اليهودية لم تنشأ بفضل المهارة اليهودية ولا بشيء من الخلق والعقل اليهوديين، إذ لا توجد لليهود قوّة خلاّقة. بل بفضل التفسّخ الروحيّ الّذي اجتاح الأمّة السوريّة ومزّق قواها وبعثر حماسها وضربها بعضها ببعض وأوجدها في حالة عجز تجاه الأخطار والمطامع الأجنبية.
تلك الدولة الجديدة تقف اليوم متحدّية، يعلن أحد أقطابها أنّها تستعدّ حربيًا لتملّك بقيّة أرض يحدّدها ما بين الفرات والنيل. نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي كنّا نعلم مدى مطامع الخيالات اليهودية الوقحة. وقد حذّرنا من هذه الخيالات العناصر والفئات الّتي تملك في سياسة الوطن أكثر ممّا نملك نحن، هذا الحزب الجديد الناشيء الفتيّ. أخبرنا تلك الفئات، ونحن موقنون بأنّهم لم يأخذوا تحذيرنا بما يستحقّ من الاعتبار. لكنّنا حذّرنا كي لا يقال إنّنا لم نحذّر ولم ننبّه. إنّ تلك الفئات لم تكن مؤهَّلة لقيادة شيء من المصير القومي. إنّها لم تكن تمثّل إرادة قومية. إنّها لا تمثّل اليوم إرادة قومية. لا تمثّل إلاّ خصوصيّاتها الحقيرة الّتي لم ينتصر اليهود في شبر من
الأراضي السوريّة إلاّ بفضلها هي.
إنّ اليهود قد انتصروا في الجنوب على يهودنا نحن ولم ينتصروا على حقيقة الأمّة السوريّة.
إنّ محق الدولة الجديدة المصطنَعة هي عملية نعرف جيّدًا مداها. إنّها عملية صراع طويل شاقّ عنيف يتطلّب كلّ ذرّة من ذرّات قوانا، لأنّه وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمدّ الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها.
فالأمر ليس فقط مع تلك الدولة الجديدة المصطنَعة. إنّه مع الدولة الجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الجديدة! إنّه صراع طويل وشاقّ. ونحن نعرف جيّدًا أنّه كذلك ونسير بهذه المعرفة واثقين مطمئنّين، وهذا الاطمئنان نفسه يعني أنّ النصر في الأخير شيء أكيد لا مفرّ منه.
عندما بدأت معارك العقلية القديمة ضدّ قيام الدولة اليهودية في الجنوب، أرسلت منفِّذية الحزب القومي الاجتماعي في حيفا إلى المركز تطلب جوابًا يعيّن موقف الحزب من الاتّجاه الحربيّ القائم فكان جواب المركز أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يثق بالقيادات الّتي تسيّر القوّات السوريّة إلى الحزب ولا يثق بالقضايا الّتي تسير فيها تلك القوّات، والحزب يعرف أنّ الصفوف الأمامية الّتي تسيّرها تلك القيادات العاجزة والقضايا المائتة ستنهار لأنّها صفوفٌ غير مؤسَّسة في حقيقة قضيّة صحيحة.
إنّ حقيقة قضيّة فلسطين هي في عقيدة أمّة حيّة وإرادة قومية فاعلة تريد الانتصار! إنّنا كنّا نعلم علم اليقين أنّ الصفوف الأمامية المُقسَّمة، غير الجديرة بالانتصار، السائرة إلى المجابهة بلا قضيّة واحدة ولا إيمان واحد ستنكسر وتنخذل في المعركة، ولذلك كان جوابنا لمنفِّذية حيفا أنّنا سنستمرّ في مهمّتنا الرئيسية تجاه هذا الخطر وهي: بناء الصفوف الخلفية التالية الّتي ستتقدّم إلى مجابهة العدوّ بنظامها المتين وعقيدتها القومية الاجتماعية الصحيحة النظامية، بعد أن تسقط الأمامية.
والنهضة القومية الاجتماعية تتقدّم اليوم في صفوف جديرة بالانتصار، لأنّ في صفوفنا إرادة أمّة حيّة لا أمم في طوائف ودول، في حكومات قزمية غير جديرة بالاضطلاع بمسؤولية تقرير المصير القومي.
نحن مستمرّون اليوم في خطّتنا. إنّ الدولة اليهودية تُخرِّج اليوم ضبّاطًا عسكريين وإنّ الدولة السوريّة القومية الاجتماعية الّتي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي بدورها ضبّاطًا عسكريين! ومتى ابتدأت جيوش الدولة الجديدة الغريبة تتحرّك بغية تحقيق مطامعها الأثيمة والاستيلاء على بقيّة أرض الآباء والأجداد، ابتدأت جيوشنا تتحرّك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدول الغريبة!
هذا ليس آخر جواب نعطيه، لأنّ الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب متى قرّرت القيادة القومية إعلان الحرب!.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *