بيان المكتب السياسي المركزي

رسالة عمدة الداخلية لشهر أيار 2020

الحزب السوري القومي الاجتماعي

عمدة الداخلية

رسالة العمدة لشهر أيار 2020

حضرة الرفقاء المحترمين في الوطن وعبر الحدود،

نتمثّل تحيتنا دائمًا لأمّتنا سورية التي أنتجت تاريخها الحضاري كما لم تفعل أيّ أمّة في هذا العالم، والتي لم تتعرّض أي بلاد تحت الشمس إلى ما تعرضت له هي من حروب ومؤامرات وويلات ونكران جميل… وهي التي قدّمت للكون ما لم تقدّمه أمّة غيرها، وباعتراف البعيد قبل القريب.. ولهذا السياق مسبباته وأسبابه المتعدّدة التي لا نستطيع الإحاطة بها في هذه الرسالة، إلّا أننا سننطلق من الميزة الأعظم في هذا الإنتاج وهي مزيّة البطولة، الشهادة المعمّدة بالدم..

يقول سعاده في خطابه في دير الغزال، البقاع الأوسط، عام 1948 على مشارف إطلالة شهر أيار «وقد أتمّ البعل مهمّته وقتل التنّين، وجاء مار جرجس، الخَضِر، في عهد المسيحية والمحمدية يعيدان الصورة والمغزى عينهما.. ما أجمل هذا الرمز لهذا اليوم، إنّ هذا اليوم يذكّرنا بالمهمة العظمى لهذا الدور الرابع في تاريخ هذه الأمّة: من البعل الأول، إلى مار جرجس، إلى الخضر، إلى النهضة القومية الاجتماعية.» وفي تاريخنا السوري شهادات عظيمة لهذه القيمة من  بلاد ما بين النهرين في مصارعة التنّين في أقدم الأساطير التي جعلت أساس الخلود في ما يتركه الفرد من أعمال عظيمة لخير الجماعة و«ليرى العالم كم هم أقوياء أبناء أوروك».. إلى السوريين القرطاجيين، هملقار وإليسار، اللذين أحرقا نفسيهما بالنار فداءً لمصلحة بلادهما تعبيرًا عن القوة في دفع الوجدان والشجاعة لدى الشعب. ونحن نعلم ما للنار من قوة التطهير والقدسية.. إلى هنيبعل الذي قرّر بملء إرادته أن يستشهد كي لا يقع أسيرًا بين أيدي الأعداء.. إلى زنوبيا.. إلى ما شعّ في المسيحية السورية من بطولات وشهادات والتي تمثلت بأرقى صورها في صاحب الرسالة السيد المسيح الذي شاء أن يُصلَب شهيدًا فاديًا.. إلى جميع التلامذة الذين بذلوا أنفسهم في سبيل تحقيق قيم المسيحية السورية.. وقد ظهر أثر هذه الميزة في الدعوة الإسلامية المحمدية في العربة من استشهاد حمزة بن عبد المطلب.. إلى عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، إلى الإمام علي بن أبي طالب، والحسن، إلى كلّ مجريات كربلاء وما تجسّد في استشهاد الحسين.. إلى عمر بن عبد العزيز.. إلى الحلاج.. إلى شهداء بلادنا في العهد التركي في السادس من أيار عام 1916 الذين عُلقوا على مشانق في بيروت ودمشق..

ثم أتى الدور الرابع المتجسّد في القومية الاجتماعية التي قاتلت رؤوس التنّين الداخلية والخارجية، وقد قال سعاده في الشهادة، إنّ أزكاها هي شهادة الدم التي استقبلها رصاصاتٍ في قامته كما يستقبل حبّات المطر.. إنها الحركة التي جاهدت في فلسطين من ثلاثينيات القرن الماضي إلى لبنان والشام والأردن وكلّ بقعة من الوطن وصلت إليها تعاليم المعلّم إلى كلّ المَهاجر التي وطئتها قدماه وكلّ بقاع انتشرت فيها القومية الاجتماعية..

لقد صارعت القومية الاجتماعية بنور الهدى الذي انبثق من مَعين الأمّة، وقد أنشأها سعاده بامتداد الأصالة آلافًا من السنين يحمل مخزون الفنّ والدين والزراعة والأدب والأساطير والشرائع والحبّ والثقافة بجميع تجلياتها، حملها في طيات فؤاده وتلافيف دماغه وعزة نفسه، وقدّمها كونًا جديدًا بإنسان جديد..

لقد تمرّس سعاده بكلّ معاني الشهادة، فهو الذي «أخبر بما رأى» من جمال في بلاده وعظمة في شعبه «وأقرّ بما علم دون كتمان الحقيقة» التي هي وجود ومعرفة، وهو من «نطق بالعالم الظاهر» مبتعدًا عن التفسيرات الغيبية الماورائية وهو من «قدم الشهادة البيّنة» أمام التاريخ وقضائه، وهو من «اعتمد على الثقة» شهادة بالحقّ.. وهو الذي ”حكم“ أنّ الأخلاق هي في صميم كلّ عقيدة أو عمل يُكتب لهما النجاح والاستمرار، «وأبى أن يكتم أيّ شهادة» يمكن أن تحمل بلاده إلى مصافي الأمم الحية، وهو الذي «لم يرضَ أن يغيّر بشهادته» أننا سوريون وأننا أمّة تامة فكانت شهادته بدمه على كلّ ما قال وعمل فجمع مناقب ”شُهد“ الحقّ والخير والجمال جميعها في نفسه الكريمة…

حضرة الرفيق المحترم

إننا أمام الظاهرة الأعظم.. فلنكن جميعًا أمام أنفسنا وأمام قدسية التضحية، ولنشهد للحقّ بالكلمة والإيمان والصبر والعمل والدم.. ونكون صفًّا قوميًّا واحدًا بما تمثّله أصالتنا وقسمنا من إيمان ووعي وأخلاق وانتماء ونظام وانتظام في دستور هو كلّ الأساس في حياتنا كعاملين لوحدة اتجاه تجعلنا حركة تعتلي هممًا منسجمة هادفة نحو تحقيق المصلحة المجتمعية العليا.

المركز في السادس من أيار 2020                    عميد الداخلية 

الرفيق ربيع الحلبي 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *