عيد العمل عيد الشعب كلّه

«صيانة العمل والعمال من إجحاف استبداد الرسماليين وإقامة العدل الاجتماعي الذي لا ينتظم إنتاج قومي بدونه.» سعاده، بيان الحزب ومنهاجه النيابي، 24 أيار 1947.

إنّ النظرة التي ينطلق منها الاقتصاد القومي الاجتماعي هي الإنسان الكامل المتمثّل بالمجتمع وليس الفرد. وهي المفهوم الجديد والفلسفة الجديدة التي كشف عنها سعاده – باعث النهضة، مثبِتًا أنّ الأمّة السورية رائدة الفكر العالمي حيث ستساهم بتغيير المقاييس المعتمدة في شؤون الحياة على تنوّعها الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية .
وعليه، فإنّ الاقتصاد، في المدلول العلمي، هو علم وفنّ تأمين سدّ الحاجات المتنوّعة لمجتمع معيّن، وهو الشأن الأشدّ مساسًا والتصاقًا بالشؤون الإنسانية الأخرى على تعدّدها وتجدّدها، وأحد أبرز أدلّة تطوّر وتقدّم الشعوب.
إنّ المذاهب الاقتصادية الاشتراكية والرسمالية اعتمدت الفرد مقياسها مما أدّى إلى قصورها في حلّ المشكلات الاقتصادية في غالبية المجتمعات الآخذة بهذه المذاهب باستثناء تلك التي طوّعت هذه المذاهب لتلائم حياتها.
لقد جاء المبدأ الإصلاحي الرابع من مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي ليرسّخ أسس الإصلاح في الأمّة إذ نصّ على: «إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمّة والدولة».

فإلغاء الإقطاع يمنع أفرادًا قلائل في المجتمع من التصرّف الكيفيّ في ملكية أرض الوطن ويحرّر قسمًا كبيرًا من طاقة المجتمع من تسلّط الإقطاعين ويحرّر هؤلاء من عبودية الفردية المقيتة، وهو يضع جميع الأفراد في موضع القيّمين على الرسمال، لأن المجتمع هو المالك الحقيقي والطبيعي في استمرار أجياله.

أمّا تنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج فيجعل تقييم عوامل الإنتاج المتمثلة بالأقانيم الثلاثة التالية: العمل – الأرض- الرسمال وفق التالي:
العمل= الطاقة الإنسانية المجتمعية المبذولة في عملية الإنتاج، والأفراد كإمكانيات منتجون بطريقة ما غلالًا أو صناعة أو فكرًا.​
الأرض= تقدِّم الإمكانات الطبيعية التي يشتمل عليها الإقليم – الوطن.
الرسمال= الوسائل المستخدمة من المجتمع في عملية الإنتاج. (الأموال بجميع أشكالها: النقود والآلات، والعقارات…)
أمّا إنصاف العمل فيعني تمتُّع المجتمع كلّه بجميع أجياله بمحصول الإنتاج.

هذه المفاهيم تنقذ مجتمعنا من تخبّط النظريات العشوائية التي تُضعفه، وتُسقِط الشعارات والمقولات المتداولة، في جميع الكيانات السياسية السورية ولا سيما في لبنان، القائمة على المبادرة الفردية في الاقتصاد الريعي المعتمد على الاستهلاك بدلًا من الاقتصاد المنتج غلالًا أو صناعة أو فكرًا. فالسياسات المالية السيئة المعتمدة في الكيان اللبناني، من قبل ”مصرف لبنان“ المتمثلة بإعطاء فوائد مرتفعة على الودائع رتّبت مديونية عالية على الدولة، مما جعلها عاجزة عن تسديد قيمة سندات اليورو بوند وجعلت الشعب لقمة سائغة في أيدي أصحاب رؤوس الأموال من المصارف والتجار الكبار. وهذا الأمر الأخير كان سعاده نبّه منه تكرارًا في كتاباته، نذكر هنا ما جاء في البند رقم (8)، باب ”الإصلاح الاقتصادي“ من بيان الحزب ومنهاجه النيابي عام 1947 الذي ينصّ على: «إيجاد أساس النقد القومي وحفظ استقلاله وحمايته من التلاعب المالي والخارجي.» كما أنّ الكيدية والمناكفات السياسية بين السياسيين عقّدت معالجة الشؤون المعاشية للمواطنين، إلى جانب الاستهدافات الأمنية من الطامعين والعدوّ اليهودي لإضعاف هذه الكيانات وتقسيمها طائفيًّا وإثنيًّا ليتمكّن أعداؤنا من السيطرة على كامل وطننا السوري وبالتالي على العالم.

أمام هذه الحلقة الجهنمية من تحالف الإقطاعيين والرسماليين الجشعين مع أعدائنا، ندعو أبناء شعبنا إلى ضرب هذه الحلقة وقطعها حتى لا تستمرّ في الشدّ على عنق الشعب لتخنقه، ليتمكّن من إقامة نظام اقتصادي قومي يؤمّن العمل لكلّ مواطن، ويسمح باستثمار موارد الوطن ويمنع الاستئثار بها ونهبها، ويضمن توزيعها توزيعًا عادلًا بما يحفظ كرامة كلّ فرد، ويؤمّن الإمكانات المادية الضرورية للقضاء على الجهل والفقر والمرض وإنشاء جيش قويّ قادر على تحرير وطننا كلّه وصدّ الطامعين.

لتحيَ سورية حياة سعاده
المركز، الأول من أيار 2020​​​​​
عميد الاقتصاد
الرفيق أنطون صوايا

أجاز نشر هذا البيان رئيس الحزب الرفيق د. علي حيدر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *