البقاء للأمة

بيان مكتب عبر الحدود للثامن من تموز2013

“إن لبنان يهلك بالحزبية الدينية ويحيا بالإخاء القومي.” (سعاده، 16 نيسان 1949)
يمرّ تمّوز هذا العام، والأمّة تئنّ من أمراضٍ قديمة العنوان، جديدة الشكل. عالج حضرة الزعيم تلك الأمراض بعد أن أسماها وحدّد أسبابها وعدّد أوجهها وأوضح خطورتها على المجتمع والأمّة، ومنها: الأنانية الفردية، الطائفية، الحزبية الدينية، العشائرية والقبلية، الإقطاع بأشكاله، عدم إنصاف العمل، إهمال الإعداد العسكري، جنون الخلود، تصحّر البيئة، انحطاط الأدب والموسيقى،… وقد وضع سعادة قواعد نهضة قومية اجتماعية للانتصار على هذه الأمراض.
أمّا الممسكون بأمور الحكم في كياناتنا السياسية فيلعنون الأمراض ويمارسونها، ساكنين ولاعنين الظلمة، وهاربين من النور. يلعنون معاهدة “سايكس- بيكو” ويحذّرون من جديدها، ويفكّرون ويخطّطون ويتصرّفون بموجبها. يلعنون الدساتير، ويبجّلون ويفتخرون بواضعيها (من يجرؤ على انتقاد ميشال شيحا في لبنان؟) يلعنون ميثاق “الاستقلال”، ويمجّدون واضعيه “أبطال الاستقلال” أو “خدم دولة انتداب أخرى”. يدعون “للعيش المشترك”، ولا يتجرّؤون على بحث قانون أحوال شخصية مدنيّ، ويجتهدون بخلفيّاتهم الدينية الضيّقة في مناقشة مشروعيّته أو عدمها، وينادون بالوطنية… تناقضٌ ما بعده تناقض.
لا خلاص لسورية إلا بالقومية الاجتماعية. وكلّ ما جرى ويجري يؤكّد عقم الأفكار التي سُخّر المواطنون “لانتصار قضاياها” ولا وجود لها، تارةً باسم الدين أو الطائفة، وطورًا تحت شعارات اليمين واليسار أو التقدّمية والرجعية. عبثًا حاولوا أن يبنوا أوطانًا على باطل، وما بنيَ على باطل، فهو باطل.
ختم حضرة الزعيم محاضراته العشر وشرحه لغاية الحزب، بتأكيده أنّ الخطوة الأولى هي تحديد معنى الأمة علميًّا، والخطوة الثانية هي بناء عقليّةٍ أخلاقية جديدة. فهل يوجد في سورية كلّها حزب أو عقيدة يشابهان في شرح غاياتهما ما تفرّد به الحزب السوري القومي الاجتماعي من مناقب، وحيث يمكن لأيّ سوريّ أن ينتمي للحزب بالتساوي مع أي سوريّ آخر؟ لا وجود لأيّ نظامٍ حياتيٍّ يؤمّن للمواطن السوري، ما يؤمّنه النظام القومي الاجتماعي.
إنّ الوطن السوري بحدوده الطبيعية يشتمل على مجتمعٌ واحد. ومنذ تقسيمه إلى دويلات بموجب اتفاقية “سايكس-بيكو”، يحاول السياسيّون و”المفكّرون” برهنة صحة الحدود ما بين دويلاته، وإيجاد الحجج – الواهية – بضرورة وجودها.
ولعلّ أكثر ما يتمّ تداوله بعد بدء الألفية الجديدة، ومنذ الحرب على الكيان العراقي في العام 2003، وبعدها معركة تمّوز 2006 في لبنان، تليهما الحرب على الشام منذ 2011، بالإضافة طبعًا الى الحرب المستمرة في فلسطين، كثرة التلويح بـ”سايكس -بيكو” جديدة. ولعلّ أخطر مرضٍ يهدّد الأمّة الآن هو الحزبيّات الدينية التي استفحلت مؤخّرًا، واستنفدت كلّ محاولة لنهوض الأمّة من كبوتها، وجعلت المرجعيّات، على اختلافها في كيانات الأمّة، مرتبطةً بمراكز قوى خارج حدود الوطن السوري. ولا يوجد ما هو أبلغ من رسالة حضرة الزعيم إلى حميد فرنجيه، وشرحه للرسالة في المحاضرة الثالثة، للإضاءة على سبيل بعث نهضة لسورية تعيد لها مجدها وعزّها وسيادتها.
أما وبعد الحروب الثلاث في الألفية الجديدة، تلوح حربٌ رابعة في لبنان. ألم يحن الوقت لنضوج السياسيّين في لبنان، لينهضوا به كما شرح حضرة الزعيم في مقالاتِ كتاب “أعداء العرب، أعداء لبنان”؟ وفي أنّ “الجمهورية اللبنانية” التي نشأت لحماية طائفة من طائفة أخرى لم تفلح في تحقيق سبب نشوئها؟ وأن ما طاول طائفة من اللبنانيين خلال القرن العشرين أكثر من غيرها، سيطاول أيّ طائفة أخرى الآن وفي المستقبل؟
تبقى العبرة بالأفعال، لا بالأقوال. فكي لا نعود القهقرى ويبقى التناقض، وَجب العمل بإرادة واضحة وعزيمة صادقة.
المركز في 4 تموز 2013 رئيس مكتب عبر الحدود
الرفيق هشام الشويري

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *