الزعيم في الأوّل من آذار

أوّل آذار 1929

ها قد ابتدأ يوم جديد من أيّامي. في هذا اليوم يبتدئ شهرك يا مارس وفي هذا اليوم ابتدئ أنا سنتي الخامسة والعشرين وبابتداء هذه السنة ابتدئ التسجيل لحساب الحياة الّتي أوجدتك وأوجدتني. ا قد ابتدأ يوم جديد من أيّامي. في هذا اليوم يبتدئ شهرك يا مارس وفي هذا اليوم ابتدئ أنا سنتي الخامسة والعشرين وبابتداء هذه السنة ابتدئ التسجيل لحساب الحياة الّتي أوجدتك وأوجدتني.

وفي هذه الدقائق الأولى الّتي تعيد أوّل نسماتك وأوّل أنفاسي أسمع في بلاد غربتي، وسط الليل المخيّم صوتًا رخيمًا ما أحلاه يناديني: “يا ابني أين أنت؟”. فأرفع رأسي وأنظر في وجه السماء المقنّع كوجه إيزيس وأنادي: “يا أمّي أين أنتِ؟”.

وأعود فأسمع صوتًا آخر يناديني: “يا ابني أين أنتَ؟” فأعود إلى التحديق في وجه الأفق وأنادي: “يا بلادي أين أنتِ؟”.

أمّي وبلادي ابتدءا حياتي وستلازمانها إلى الانتهاء.

فيا أيّها الإله أعنّي لأكون بارًّا بهما.

الثالث من آذار 1929

أشعر بحنين دائب إلى بلادي، إلى الوادي، إلى غابة الصنوبر، إلى النبع. وأحسّ بنغصة الحياة عندما أتذكّر تلك الأشياء الثمينة، وكم أتمنّى لو أنّي أعود إلى مسقط رأسي.

ليس قليلاً ما يلاقيه فاقد الوطن في ديار الغربة.

التاسع عشر من آذار 1929

يجب أن أقوم بمطلوب مبدأي مع كلّ ما يعرض لي من ألم الروح، فالحياة قصيرة لا تسمح بضياع الوقت في البكاء من الألم.

وإنّ في الألم لحياةً لذوي الفهم.

هي الفلسفة الّتي عرفت حقيقتها بالاختبار.

لذلك أنا أرفض أن أكون أنانيًا لا يعرف شيئًا غير طلب اللذّة والنواح لفقدها.

لا. لا. يجب ألاّ أكون أنانيًا. بل يجب أن أفتكر بآلام الملايين من بني أمّتي ثمّ أعود فأذكر نفسي…

يجب أن أنسى جراح نفسي النازفة لكي أساعد على ضمد جراح أمّتي البالغة.

الثالث والعشرون من آذار 1929

أين الوطن…

إلى هناك تشتاق نفسي ويتزايد حنيني…

هناك حضنتني أمّي،

وهناك ترعرعت…

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *