جـــ ـــــــريمة إلغاء عيد الشـ هداء

«حين كانت الخلافة العثمانية قائمة لم يكن للرابطة الدينية من غرضٍ غير تسخير الشعوب الإسلامية الأخرى لخدمة مصلحة تركية فقط..» سعاده، 1937إنّ تاريخ المجـ ازر التركية بحقّ شعبنا السوري تاريخٌ طويل ابتدأ منذ أن اجـ ـتاحت جيوش محمد الفاتح وطننا في القرن السادس عشر إلى اليوم. وأعواد المـ ـشانق التي عُلّق عليها، بين عامي 1915 و1916، متنوّرون سوريون أرادوا تحرير وطنهم من ثقل النير التركي، ستبقى ماثلة في ذاكرة شعبنا تحدّث عن جـ ـرائم تركية التي حرمت شعبنا من حرية الفكر وأبادت ثقافته وطمست شخصيته وخرّبت عمرانه وهجّرت أبناءه على مدى قرون.والمحزن أنه في الوقت الذي انتهزت فيه تركية كلَّ فرصة سانحة للانقضاض على حقوقنا القومية في الشمال السوري، واحتـ لال أجزاء أخرى من أرض وطننا؛ في هذا الوقت قامت بعض حكوماتنا وسياسيونا بالاحتفاء بالوفود التركية وبتقديم تنازلات مجانية لصالح الأتراك، إمّا في إطار تسويات سياسية حقيرة أو بمبادرة شخصية و”كَرَم حاتمي“. ومن هذه التنازلات إلغاء عيد الشـ هداء في الكيان اللبناني، هذا العيد الذي يجب أن يكون عيدًا لكلّ شعبنا لأنه عيدٌ نحيي فيه ذكرى من بذلوا أنفسهم دفاعًا عن حقّ شعبنا في الحرية والسيادة والاستقلال. وعوض أن نحتفل بهذا العيد تكريمًا لهؤلاء الأبطال ينبري من يصفّق للمحـ ـتلين طالبًا عودة الخلافة والانتداب، محاولًا إلغاء عيد المـ ـقاومة والتـ حرير أيضًا. ولا عجب فالعبد لا يستطيع التمييز.إنّ للصداقة بين الشعوب شروط، منها اعتراف المعتدي بجـ ـرائمه والكفّ عن الاعتداء. وهو ما لم يحصل حتى الآن من جانب تركية التي قامت بترحيل عشرات الآلاف من النازحين الشاميين بعد أن قامت باعتقالهم في ظروف سيئة، وضربهم والإساءة إليهم، وإجبارهم على التوقيع على استمارات ”العودة الطوعية“، وإجبارهم على العبور إلى الشام تحت تهـ ديد السلاح، ومن بين هؤلاء أطفال غير مصحوبين بذويهم، وذلك في انتهاك واضح لما يسمّى ”حقوق الإنسان“ وتحت أعين”هيومن رايتس ووتش“ والمنظمات الدولية التي لم تحرّك ساكنًا.وليست الجـ ـريمة التي ارتكبها تركيٌّ في مدينة إزمير في 16/11/2021، بإضرامه النار في غرفة يقيم فيها ثلاثة نازحين شاميين يعملون هناك، بعد أن سكب البنزين داخلها وهُم نيام، حادثة يتيمة وعابرة، بل هي نموذج عن الاعتداءات اليومية وإراقة الد ماء التي يتعرض لها أبناء شعبنا على يد الأتراك.وليست العنصرية ومشاعر الكراهية التي ارتفعت نبرتها خلال الانتخابات التركية العام الماضي سوى مثال بسيط عمّا تكنّه تركية من عداء لشعبنا، إذ صرّحت وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية داريا يانيك قائلة: «سوف نكثّف جهودنا ونعمل بكلّ طاقتنا حتى لا يتبقى سوريون على أرضنا بعد العام 2023»، وهذا التصريح يمثّل الموقف الرسمي للحكومة التركية وللحزب الحاكم من مسألة النازحين الشاميين.في الحقيقة، ليس هناك سوريون لاجئون على أرضٍ تركيّة، بل هم نازحون على أرضهم التي تحتلها تركية، وإنّ «إنشاء علاقات ودية ثابتة» بين الدول السورية وتركية يتطلب أن تقوم الأخيرة «بتعديل سياستها فيما يختصّ بسورية وترك فكرة الاستيلاء على أرض سورية»، كما يقول سعاده، بل يستوجب استعادة الإسكندرون وكيليكية اللذين لا نعتقد أنهما يعودان إلى حضن وطننا بلا حرب.وهل ننسى دعم تركية للمجموعات الإرهابية في الحرب على الشام التي استـشـــ هد فيها آلاف السوريين؟هل ننسى استشـــ هاد الرفيق مخلف خضر النجم والد الرفيقين عبدالله ومحمد كرم النجم الذي قتل برصاص هذه المجموعات في حيّ القابون في دمشق في مثل هذا اليوم من عام 2015؟تركية من الدول الأولى التي أقامت علاقات رسمية مع ”إسـرائيل“ في 28 آذار 1949، وعلاقاتها لا تزال وطيدة معها، وهي لم تعد إنسانًا مريضًا، أمّا نحن فلا زلنا نغلّب شعورنا الديني على وعينا القومي، ولا زلنا مشلولين بأمراضنا الاجتماعية، غير قادرين على معالجة أبسط أمور حياتنا وعلى مواجهة مخططات الأعداء.إنّنا نرفض التساهل في حقوقنا القومية. وإلغاء عيد الشهداء جــ ـريمة سيأتي يومٌ يعاقَب فيه من قام بها، هؤلاء الذين لا يهمهم دماء الشهـ داء ولا أمر لواء الإسكندرون ولا أمر لبنان ولا أمر فلسطين.لتحيَ سورية وليحيَ سعاده.المركز،

في 6 أيار 2023

عميد الإذاعةالرفيق إيلي الخوري

أجاز نشر هذا البيان رئيس الحزب الرفيق الدكتور علي حيدر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *