كلمة حضرة رئيس الحزب الرفيق د.علي حيدر في حفل تأبين الباحثة والصحافية والأديبة الرفيقة د.حياة الحويك

كلمة حضرة رئيس الحزب الرفيق د.علي حيدر في حفل تأبين الباحثة والصحافية والأديبة الرفيقة د.حياة الحويك، في مسرح المدينة في بيروت مساء السبت 28 آب 2021.

على وقع الحياة، تحوك عمرها صراعًا يفتح للربى إطلالاتٍ على مجدٍ من رواق ذاك الزينون… تحمل من مَعين النهضة نبضًا من توتّرٍ يشتاق إلى فلسطين زيتونًا وليمونًا.. محبّة أمّ، قوة محارب، ثباتٌ في العقيدة، مقدامة كجندي يغار أن يصيب بلاده سوء، جريئة، حرة، واضحة.. صفحاتها من عتق يحمل جرأةً زنّوبيّة لا ترضى إلا حياة الأحرار في أمّتها الحرّة.. عرفَتِ الحقّ قوّة إيمانٍ بعقيدة تساوي الوجود، في وقفة العزّ تصديقًا لقَسَم الشرف والحقيقة والمعتقد، إطلاقًا من الحدّ، التزامًا بالنظام…
حياة الحويك مسيرةٌ من اجتهاد وتعب، ولكن بوعي العارف أنّ انتصار النفوس العظيمة لَشأنٌ أكيد.. وقد انتصرت هي في ذاتها وفي وجدان بلادها وعارفيها.
تنقّلت في حياتها كثيرًا، ولكنّها ثبتت في عقيدةٍ علّمت العالم أنّ الاستسلام موت، وأنّ الباطل يأسر ذاته ويختنق بحقده.
من مسقط رأسها حلتا – البترون، إلى بيروت، إلى بكاسين – جزين، إلى عمان والشام، وإلى المهاجر… تجلّت حياة الحويك بعلمها وأخلاقها التي ما فارقتها حتى في أصعب محطات حياتها، بقيت محافظةً على درجة الشرف فلم تنحرف أو تساوم. كانت مناظراتها لوحاتٍ تستوحي قوّتها من قوّة نهضتها، وتشعل نورها من هدي معلّمها، وتنساب وضوحًا من جلاء الحقيقة التي قدّمها سعادة للعالم من تحت طبقات ظلمات التاريخ.
لأنّك حياة، يعزّ عليّ أن أخاطبك بصيغة الغائب أو الماضي… فحياة نبض وشهقة روح، ووجدان حي، وألقٌ فيّاض على كلّ من عرفك.
حياة المعاناة والمعاينة.. واجتراح الحلول… حياة الصبر والمكابدة والمواجهة برقيّ القادر الواثق العالِم…
​نستعجل الرحيل عندما تضيق بنا الآفاق التي نأملها رحبة.. ونغادر بهدوء بعد أن نطمئنّ إلى ثبات الأسس التي أرسيناها…
​حياة، استعجلتِ، وبكلّ هدوءٍ غادرتِنا… لتُثبتي كما تعلّمت وتعلّمنا أنّ الأثر الطيب في الأرض وبين المحبّين والمقدّرين لحجم عطائك لا يزول أبدًا، ويبقى ينثر عبيره الطيب قيَمًا وأخلاقًا ومحبّةً وعلمًا وعملاً… وأنت الآتية من أجواء مي زيادة وجبران خليل جبران…
​قيل: لكلّ امرءٍ من اسمه نصيب، ولك من اسمك هذا الوافر…
​واجهت الداء الخبيث بالعلم، فسفرك إلى فرنسا، الذي أراده البعض للعلاج، أردته لتحصيل شهادة الدكتوراه، وجعلت تردّدك إلى المستشفى هو الاستثناء، بينما أطلت المكوث في الجامعة وبين الكتب والمراجع، ونصب عينيك استثمار ما تنتجين في خير بلادك، وقد فعلت…
​أنت التي قلت للمتزاحمين على الصفوف الأولى لنيل الرضى: اتركوا التغزّل بطوله ولون عينيه لزوجته، واهتمّوا بمضامين خطاباته وما يخدم الشعب الذي من المفترض أن تكونوا جئتم لخدمته…
​أنت التي لم تهادني يومًا، وفي آخر لقاء لنا في دمشق، عند عودتك للتو من مناقشةٍ لكتاب يؤرّخ لما حصل في الشام، عبّرت لي، وبمرارة، عن ألمك من الذين لم يستفيدوا من دروس ما حصل، والمرارة الأكبر من المتسلّقين باسم ما حصل… ولا ننسى بأسك وشدّة صلابتك في رفض أيّ علاقةٍ مع العدو اليهودي، غير علاقة الحديد والنار.
​تعلّمنا، يا حياة، من المعلّم أنّ “الأفراد في المجتمع يأتون ويذهبون، يكمّلون آجالهم ويتساقطون تساقط أوراق الخريف، ولكنّ الحقّ (القيمة) لا يذهب معهم بل يبقى، لأنّ الحقّ إنساني. والإنسانيّ اجتماعيّ فهو يبقى بالمجتمع وفيه”. فكنت من الروّاد الساعين لتثبيت هذا الحقّ، ولم تبخلي حتى آخر اللحظات، فغرست في تاريخنا إنتاجًا يستعين بثماره شعبنا لأجيال…
​​​​​​لتحيا سورية حياة سعادة

المركز في 28/8/2021​ ​
رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي
​​​​​ الرفيق الدكتور علي حيدر

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *