جرم الرهان على العقوبات الأميركية

الحزب السوري القومي الاجتماعي
عمدة الخارجية

جرم الرهان على العقوبات الأميركية

«وغدًا إذا لاقى الأميركيون من الوطنيين السوريين إعراضًا ونفورًا جزاء إقدامهم على امتهان كرامة سورية، فقد لا يمنعهم شيء عن أن يتّهموا السوريين بالتوحّش والهمجية، وأن ينسبوا إليهم كلّ فريّة هم براء منها..» أنطون سعاده، 1924

لا شكّ أنه لا يمكن الدفاع عن أيّ من أركان منظومة الفساد والنهب في لبنان فيما يتعلّق بالمحاصصات والتنفيعات، إلى الصفقات المشبوهة واستغلال المرافق العامة والوظائف الرسمية للانتفاع الشخصي أو الحزبي. ولنا مع أركان هذا النظام وأزلامه صولات وجولات من المعارك الشعبية والقضائية والسياسية، منذ 1932 وحتى اليوم.
هذا شيء، وأن نصدّق أنّ الإدارة الأمريكية تفرض العقوبات لأن قلبها يعتصر ألمًا على أموال اللبنانيين المنهوبة، فشيءٌ آخر. خصوصًا عندما تنتقي الشخصيات وفق معيار تسهيل مخطّطها وتأمين مصالحها – مطامعها في بلادنا، وهذا دأب جميع الدول المعادية في مقارباتها شؤوننا.
فالدولة التي قامت على إبادة السكان الأصليين للقارة ”الأميركية“، وتمرّست بالإبادة عبر الأسلحة التقليدية والنووية في كوريا وفيتنام واليابان وغيرها الكثير، وجوّعت العشرات من الدول عبر ما يسمّى الحصار الاقتصادي، والتي أمعنت في الاغتيال الاقتصادي للدول والأمم، وارتكبت جرائم ”ضدّ الإنسانية“ في العراق كما في سواه، واحترفت التعذيب في غوانتانامو وأبو غريب ومئات ”السجون غير الرسمية“ التي لم يُكشف عن أسمائها، ونصّبت وحمت أعتى الطغاة في العالم، والتي تجعل أولى أولوياتها دعم كيان الاحتلال اليهودي في فلسطين، إلخ.؛ إن هذه الدولة التي ارتكبت وترتكب كلّ تلك الجرائم الكبرى، وغيرها الكثير، لا يحق لها التبجّح بحماية حقوق الشعوب.
إنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة، التي أعلن سعاده سقوطها من عالم الإنسانيّة الأدبي على إثر موافقتها على احتلال بلادنا عام 1924، لا يمكن أن تكون طرفًا نزيهًا يضبط إيقاع حقوق الدول في الحياة والتقدّم، مرتكزًا على مصالحه.
أمّا فيما يخصّ الشعب في لبنان، فتوقه إلى تغيير الطغمة التي عاثت في البلاد فسادًا ونهبًا وشرذمةً، لا يلتقي مع مصالح الدول الكبرى التي لا تبحث سوى عن مصالحها، والتي يجاهر بعضها بافتعال ما هو أفظع وأكثر ضررًا من ”الفساد والشرذمة“، وخصوصًا الولايات المتحدة التي لا تقيم اعتبارًا سوى للمحتلّ اليهودي.
إنّ أي تحرّك شعبي أو سياسي يهدف إلى نقل الشعب إلى حالة أفضل تخدم آماله وتطلعاته، يصبح من النضوج الكافي عندما يستطيع التمييز بين مصلحة الشعب، واستثمار المغرضين والدول المتربّصة به، فيكون مقياسه الأول والأخير مصلحة بلاده.
لا يعيب المنتفضين المطالبين بأبسط حقوق شعبنا، أن تحاول بعض الدول تنفيذ مآربها، فنكون لها بالمرصاد. لكن من يراهن على هذه الدول يرتكب جريمة بحق الأمّة والوطن. فلنحذر من الرهان على الخارج، ولنضع نصب أعيننا -أبدًا ودومًا – مصلحة بلادنا العليا، ولنعمل بوضوح وجِدّ وإخلاص لإنقاذ البلاد من براثن من ينهشها من الخارج ومن الداخل.

المركز في 2020.11.07
عميد الخارجية
الرفيق هاني فيّاض

أجاز نشر هذ البيان رئيس الحزب الرفيق الدكتور علي حيدر

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *