وفد حزبيّ رئاسي يزور البطريرك صفير

أجوبة حضرة الرئيس على أسئلة جريدة الديار في 26-12-2008

 س ـ لماذا انتخِب علي حيدر رئيسًا للحزب وما هي ظروف مجيئه ؟
 ـ كنت أتمنى أن يتم توجيه هذا السؤال إلى الرفقاء الذين قاموا بانتخابي، فهم يملكون المواصفات  المطلوبة التي تم على أساسها الاختيار من خلال الانتخاب،

 ولكن أستطيع أن أقول إن اختيار أي رفيق لمسؤولية ما يتم بناءً على صلاحه لهذه المسؤولية. وأظن أن انطباق المواصفات المطلوبة على الرفيق علي حيدر هي التي دفعت الرفقاء أعضاء المجلس الأعلى لانتخابه رئيسًا للحزب.

أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال وهو ظروف مجيئي إلى رئاسة الحزب، فهي وإن بدت للبعض استثنائية فهي داخل الحزب كانت تتم ضمن السياق الطبيعي لانبثاق السلطة الحزبية والتي تنتهي مراحلها الانتخابية الستّ بانتخاب رئيس للحزب وذلك من خلال الالتزام الواعي بالأنظمة والقوانين المرعية وتنفيذًا لها…وهذا ما تم…

س ـ  يأتي انتخابكم بعد أن أمضى سلفكم الدكتور أنطون أبي حيدر حوالي 40 سنة في رئاسة الحزب، فلماذا أولاً لم يتم انتخاب بديلٍ عنه، وهل يعطيكم دستور الحزب إمكانية أن تبقوا المدة نفسها في  الرئاسة؟

ـ بالنسبة للشق الأول من السؤال، من المهم أن نعرف أن نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس نظامًا رئاسيًا، ولا هو قرص جبنة يتصارع عليه من يسعى إلى الرئاسة. لذلك لا يوجد ساعين للرئاسة بناءً على مصلحة متوخاة منها. كذلك ليس للرئيس سياسة خاصة به يستطيع أن يدير دفّة الحزب من خلالها كيفما شاء.

رئيس الحزب يعمل ضمن مخططات المجلس الأعلى، وبالتالي فالعلاقة تفاعلية بامتياز بين المجلس الأعلى ورئاسة الحزب، وهذه العلاقة تبدأ أوّلاً بعملية الانتخاب للرئيس، وهكذا يكون المجلس الأعلى صاحب الصلاحية بالاختيار من خلال الانسجام الحاصل بين رؤية المجلس الأعلى ومدى صلاحية الرئيس للعمل على تنفيذ هذه الرؤية وتمثيل الحزب بالشكل اللائق والمطلوب وهي مسألة لا تخضع لعدد سنين معين لأن المسألة ليست شخصية مرتبطة بشخص الرئيس بذاته.

أما بالنسبة للشق الثاني فالدستور يعطي هذه الصلاحية، ولكن الظرف تغير وآمل أن لا يحصل ذلك، وأن تكون نتائج الانتخابات وفي كافة المسؤوليات في الحزب تعبير حقيقي عن الفعالية المتوخاة داخل الجسم الحزبي القادر على تأمين قيادات جديدة وبشكل مستمر. مع العلم أن واجبي الحزبي يلزمني البقاء في مسؤوليتي طالما أن المجلس الأعلى يتمرّس بصلاحياته الدستورية، وطالما أن المصلحة الحزبية تقتضي ذلك… وهذا ما كان يحصل للرفيق الدكتور أنطون أبي حيدر.

س ـ لأول مرّة يُنتخَب رئيس من سورية في حزبكم، لماذا هذا الاختيار؟ هل له أهداف سياسية، أم ماذا؟؟…

ـ من سورية؟… إن جميع رؤساء الحزب الذين انتخِبوا هم سوريّون ومن سورية، وجميع الرفقاء القوميين الاجتماعيين سوريّون من سورية، أما إذا كنت تقصد أنني من الكيان الشامي فصحيح أنني من الشام، ولكنني كأي سوري قومي اجتماعي لسورية كل سورية…. يمكن عكس السؤال، لماذا يُستغرب أن يتم انتخاب رئيس للحزب السوري القومي الاجتماعي من غير لبنان، فالحزب هو دولة الأمة السورية المصغرة. تاريخيًا انتخِب في الخمسينيات مصطفى أرشيد رئيسًا للحزب وهو من الأردن وانتخِب عصام المحايري وهو من الشام.. وهذا هو الوضع الطبيعي.. فلا حدود كيانية للمسؤوليات الحزبية.  المقاييس لاختيار المسؤولين الحزبيين تتعدى الحدود التي حاولت اتفاقية “سايكس ـ بيكو” أسرنا ضمنها.. فهل  نحن نخضع لها؟؟. إذًا الاختيار أتى في سياق الفهم الطبيعي لانتماء الرفقاء إلى الحزب وحدة إدارية واحدة، لا تفصلها كيانية ما، وانسجامًا مع القواعد الدستورية الناظمة لهذه العملية. وهكذا لا يكون للاختيار أية أهداف سياسية خاصة بذاتها.. وهي وإن جاءت دون قصد فإنها تشكل رسالة لجميع الرافضين قولاً لمفاعيل “سايكس ـ بيكو”، أن اعملوا على رفض مفاعيل هذه الجريمة بحق الأمة والوطن وما حصل لدينا في الحزب هو أحد وسائل التنفيذ العملي لهذا الرفض.

س ـ انتميتَ إلى الحزب في التنظيم الآخر الذي يرأسه اليوم أسعد حردان فلماذا تركت ذلك التنظيم وما الذي جذبك إلى الحزب الذي أنت فيه وتبوّأت مسؤوليات عليا وكان آخرها رئاسته وقبل ذلك رئاسة المجلس الأعلى؟

ـ للسؤال  محوران:

 بالنسبة للمحور الأول فأنت تعيدني إلى أجواء ما قبل عام 1993 ولا أظن بحثها على صفحات الجرائد اليوم يفيد في شيء خصوصًا أننا أمام مرحلة تطلّ علينا بمعطيات خارجية تحتاج منا قبل غيرنا عملاً جامعًا مانعًا ولا يفيد نكء الجراح القديمة. ولا فائدة من النشر على صفحات الجرائد دون التخلي عن الحق في بحث ذلك داخليًا وبين الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين حين تقتضي الحاجة ولمصلحة الحركة السورية القومية الاجتماعية وأفقها المستقبلي؛ بحثٍ يتناول النهج وتقييمه دون الأشخاص وليس الوقوف عند الماضي لتثبيت غلبة فريق على آخر لأننا في العمق لسنا فرقاء، ولا نرضى أن نكون فريقًا في مواجهة فريق آخر.. بل سنبقى “أم الصبي” التي يعنيها كل سوري قومي اجتماعي أينما كان، وسنبقى نحن وإياه في موقع واحد وليس في مواقع مختلفة..

أما بالنسبة للمحور الثاني فالذي حصل ليس جذب بالمعنى المنفعل للكلمة بل كان لي ومجموعة من الرفقاء المنتشرين في الشام فرصة اللقاء والتواصل والتفاعل مع المسؤولين الحزبيين المكلفين بمتابعة الوضع في الشام وأخص بالذكر منهم الرفيقين رؤوف المصري وجورج خير الله، هذه اللقاءات التي كانت عاصفة في بدايتها ثم مرت بعدة مراحل من البحث والإطلاع المعمّقين انتهت جميعها بالالتزام والالتحاق بالحزب الذي وجدنا فيه وعلى أقل تقدير التربة الصالحة للفلاحة ورشّ البذار لانتاج ثمار لا بدّ آتية. وهو بالنتيجة شرط لازم ولكنه ليس كافٍ… ونحن نعمل على استكمال شروط الإنتاج الصحيّ والوفير.

س ـ هل ستقيم اتصالاً مع تنظيم حردان ؟…

لن نقيم مثل هذا الاتصال لأن ذلك حاصل على أرض الواقع، وذلك قبل استلامي مسؤولية رئاسة الحزب وبعدها…فالتواصل لم ينقطع مع قوميين منهم هم في مواقع مختلفة ومنها مواقع مسؤوليات عليا…والأجواء في الآونة الأخيرة ليست صدامية وإن كان البعض يحاول أن يدفع بها بهذا الاتجاه من خلال إثارة بعض الملفات الخلافية القديمة التي لم تعد تخدم النهضة وحركتها بشيء ولكن لغايات في نفس يعقوب…آمل في الأيام القادمة أن تصبح حركة هؤلاء خارج سياق التاريخ الحزبي وخارج اهتمام السوريين القوميين الاجتماعيين الذين يليق بهم غد أفضل ومطلوب منهم عمل أكبر بكثير مما هم عليه الآن. ولنخرج من عقلية الأحقاد المارقة والاصطراعات العبثية ولنعترف بأن من له الغد الآتي هو الذي يؤمن ويتمرّس بحقيقة العقيدة القومية الاجتماعية وهو الذي يستطيع أن يقود سفينة الأمة  إلى برّ النجاة..

س ـ هناك حركة نشأت باسم النهضة القومية الاجتماعية هل حصل أي لقاء مع مسؤولين فيها وعلى ماذا دار الحوار؟

ينطبق على هذا السؤال ما ينطبق على سابقه فقد التقيت عددا من السوريين القوميين الاجتماعببن في أكثر من لقاء وقد وضعوني في صورة العمل الذي يقومون به دون الحديث عن وجود مؤسسات أو مسؤولين فيها، ولا أعرف إن كان من التقيتهم يحملون مسؤوليات في هذه الحركة أم لا، وهم لم يقدموا أنفسهم كمسؤولين… بل كقوميين اجتماعيين يؤرقهم هاجس الوضع الحزبي الذي يجب أن يكون له دور أفعل وأفضل وأكثر تأثيرًا في مسيرة الأمة، وهم في هذا السياق يعملون عبر حركة ثقافية يرون فيها الوسيلة لتحقيق ” وحدة القوميين ” حسب رأيهم. وبغضّ النظر عن رأينا بفعالية الموقع الذي اختاروه لأنفسهم، فإننا سنبقي على اتصال نشط معهم كغيرهم، لغاية أساسية تتمحور حول العمل على توحيد رؤية السوريين القوميين الاجتماعيين مقدمة لتوحيد نهجهم وتوحيد جهودهم في مؤسسة الحزب السوري القومي الاجتماعي الواحدة.

س ـ هل تفكرون بالعمل لتوحيد القوميين الاجتماعيين؟  

لنتفق في البداية على أن الوحدة ليست تكويمًا وتجميعًا كيفما اتفق، ولاهي محاصصة وتقاسم نفوذ ومغانم. فلا نفوذ ولا مصالح خصوصية لدينا لنتقاسمها مع أحد، كذلك ليست لدينا أطماع فردية للسعي لمحاصصة الآخرين ومقاسمتهم مكاسبهم ومغانمهم الفردية… ننتقل بعدها لنتفق على مفهوم الوحدة ونقول أن له مفهوم واحد وهو أن يلتقي جميع الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين وبعامل الواجب الواعي المدرك في صف واحد للعمل المنتج البنّاء لمصلحة عليا وهي مصلحة سورية فوق كل مصلحة. من هنا أستطيع أن أقول أننا لا نفكر في توحيد القوميين بالمعنى الإلزامي للكلمة بل نعمل على أرض الواقع لتحقيق ذلك من خلال الالتزام  بنشر وتعميم وحدة الفكر المولدة لوحدة النهج، وعندها تصبح وحدة الشكل تحصيل لما سبق ولا تحتاج إلى قرار من أحد… يبقى علينا كإدارة حزبية العمل على تسهيل سبل التفاعل المنتج وحدة فهمٍ ونهجٍ على الأرض من خلال إيجاد الآليات المنتجة لهذا التفاعل بين السوريين القوميين الاجتماعيين أينما كانوا. ومن أي موقع أطلوا. وهذا ماسبق أن تمرّسنا به ونسعى إليه وما سنعمل على تفعيله في الأيام القادمة.

س ـ يؤخذ على حزبكم أنه تبشيريّ فقط وتحول إلى مدرسة عقائدية دون فعل أو ممارسة لماذا هذا الواقع في حزبكم، وما هي الأسباب؟

المبشرون يحملون صليبهم على كتفهم ويجوبون أصقاع الأرض لنشر فكرهم في عمل صادق، صابر، مثابر دون كلل أو ملل.. وهم بهذا المعنى يفعلون ويمارسون. وليسوا نساكًا منعزلين يعملون لخلاص أنفسهم في صوامع نائية منقطعة عن العالم… والأكثر من ذلك أن التبشير بفكر الحقيقة هو فعل صراعيّ ممتاز يعتمد الصواب والصدق والصبر.. مع ذلك فإننا لا ندّعي أبدًا أننا أكملنا وختمنا.. ونحن نتمرّس بما في نفوسنا من عظمة أمتنا لنحوّل ضعف الأفراد إلى فعل قوّة تتوافق مع فعل قوّة أمتنا، ونحن كحزب نعاين أي خلل لمعرفة أسبابه كي نتصدّى لعلاجه. 

س ـ هل ستعملون لإخراج الحزب من الجمود إلى الحركة حيث يقال عنكم إنكم جماعة جدل عقائدي ؟

إذا انطلقنا من القاعدة الوجودية الحياتية التي أطلقها سعاده، وهي أن “المجتمع معرفة والمعرفة قوة”، عندها لا يكون التجذير العقائدي والتأصيل المعرفي جدلاً. وأنتم تعلمون أنه ” لايستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون “. كما أن “معرفة الحق تحرر”. كل ذلك يجعلنا لا نربط  بين قسمي السؤال، وعليه نستطيع الإجابة على قسمه الأول. فعالية الحزب كفعل حركة تتناول شؤون الحياة يجعله مرتبط بمعطيَيْن: ذاتيّ خاصّ به كحزب وموضوعيّ يتعلق بالوضع العام والمحيط الذي يفعل فيه الحزب. المطلوب هو رفع وتيرة الحراك المؤدي إلى تحسين أدائنا وبالتالي فعلنا في قضايا الأمة الراهنة، وهذا لن يكون على حساب البنية المعرفية المطلوبة من السوريين القوميين الاجتماعيين، بل انطلاقًا منها، لأنه “إذا فسد الملح فبماذا يُملح”؟

س ـ ما هي الرؤية التي تتطلعون إليها لإطلاق الحزب وهل من خطة معينة؟

الحزب انطلق يوم تأسس وهو يفعل من خلال فعله بالمجتمع عبر تفعيل المصالح الرئيسية لحياة الشعب وتطويرها وهذا ما يتضمنه دستورنا في إشارته إلى المصالح الرئيسية للحزب وفي هذا السياق فقد أنجز المجلس الأعلى خطته الحزبية للسنوات الثلاث القادمة، وقد كنت من المساهمين بإنجازها كعضو وكرئيس للمجلس الأعلى. واليوم هذه الخطة هي في عهدة السلطة التنفيذية للبدء بالعمل بمقتضاها.. أي عادت من جديد لتصبح بعهدتي كرئيس للحزب. وهي واجبة التنفيذ وسأعمل بأقصى الطاقات المتوفرة لذلك. وهذه الخطة وببساطة تعتمد على تفعيل هذه المصالح دون استثناء ليكون الحزب، كما هو في الواقع، دولة الأمة السورية الحاضرة فيه كل مصالح الحياة كالاقتصاد والتربية والدفاع والثقافة والسياسة…الخ. وليس مركزًا ثقافيًا فقط وهو كذلك ليس حزبًا سياسيًا بالمعنى الرائج والمتعارف عليه في زواريب السياسة الضيقة. وبالتالي فالفعالية مرهونة بمدى قدرتنا على تفعيل هذه المصالح دون استثناء.

س ـ أنتم من الجيل الجديد في الحزب أو من جيل الشباب هل سيكون المسؤولون الحزبيون من جيلكم أيضًا؟

في البداية لا بدّ من التنويه إلى أن التمييز بين فعالية الشباب والشيوخ بعامل السن فقط هو تمييز ابن رؤية حسيرة.  ومفهوم الأجيال هو من المفاهيم التي انتشرت متجاوزة وحدة الحياة التي نؤمن بها. ففي وحدة الحياة وحين تتراجع بعض القوى الجسمانية في عمر معين نجد مقابلها تحسّن ونمو للقوى الفكرية المعرفية العقلية.. وحيث نحتاج إلى حماسة الشباب نجد أننا بحاجة وبنفس الدرجة إلى الحكمة لتحقيق الأهداف الكبيرة المطلوبة منا كحزب. ورغم هذه المقدمة فمن يعرف المسؤولين الحزبيين المركزيين والفرعيين يجد أن أكثر من 70% منهم تقارب أعمارهم عمري. ومنهم من بات يعتبرني اقتربت من العمر المؤهل للتقاعد خلال السنوات القليلة القادمة لأنه يصغرني بعقد كامل من الزمن ويتبوأ مسؤولية مركزية.  

س ـ لا وجود لحزبكم سياسيًا لأنكم لا تعملون في السياسة وتركزون على الشأن العقائدي فقط.

الفرق كبير بين أن نشتغل بالسياسة كمصلحة من المصالح الرئيسة في الحزب، وهذه تترك للمتخصصين في السياسة داخل الحزب، ليصبح دور القومي الاجتماعي داخل مجتمعه منصبًّا على العمل على تجويد وتحسين الحياة القومية من أساسها. وهذه هي المسؤولية الأساسية للقوميين الاجتماعيين في مجتمعهم. وهذا وإن لم يكن يومًا عملاً ثقافيًا، وفق القاعدة القائلة بالثقافة من أجل الثقافة، فهو بالتأكيد ليس عملاً سياسيًا فقط بالمعنى الرائج للسياسة. إذًا نحن نحتاج في البداية إلى التأكيد على الدور المطلوب من الحزب ليصبح فاعلاً. وهو العمل بقضايا المجتمع دون استثناء. لقد كانت ومازالت مصلحة حزب النهضة الانخراط في الحراك السياسي مع القوى والتيارات السياسية والفكرية والثقافية في ساحة الوطن وعلى امتداده، وتبقى الخطوط الحمراء الوحيدة هي مصلحة الوطن وثوابت النهضة التي لا تسمح باللقاء مع من تعاون مع المحتل، أو عمل لغير مصلحة الوطن أرضًا وشعبًا…

س ـ لماذا هذا الغياب الإعلامي ولدى رئيس الحزب الأسبق المرحوم جورج عبد المسيح قول مشهور: “لأن الصحف لا تنشر”. هل يعود ذلك لأسباب ذاتية عندكم وهي عدم فعاليتكم السياسية أو الحزبية أو قرار من الصحف ووسائل إعلام مرئية ومسموعة؟

لن نتهرب من مسؤوليتنا بالكامل بالقول إنه ليست ثمة أية مسؤولية علينا، ولكن ليس من الزاوية التي تشير إليها حضرتك وهي عدم الفعالية…. وبالمقابل لن أمارس عملية جلد الذات وأقول إن كل المسؤولية تقع علينا وأن وسائل الإعلام غير مقصرة.. في الحقيقة المسؤولية متبادلة…تتحمل وسائل الإعلام فيها المسؤولية الأكبر. بالنسبة لنا لم نتخلف يومًا عن مواكبة الأحداث السياسية الجارية في الوصف والتحليل واستنباط الحلول ومن يتابع بيانات الرئاسة وعمدتي الإذاعة والثقافة يجد أنها كانت شاملة لكل الأحداث السابقة…ولكن للأسف ورغم الإصرار على تزويد كل وسائل الإعلام بها لم تكن تنشر إلا لمامًا وبشكل مجتزأ وقد يكون مشوَّهًا أحيانًا…

أعطيك مثلاً صارخًا مازال حيًا..أقام الحزب ندوة لتكريم الإعلام المقاوم وذلك بعد حرب تموز ودعا كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي ساهمت بشكل فعال في تغطية عدوان تموز على لبنان ومنه جريدتكم . فوجئنا بالإقبال الضعيف على التلبية وفوجئنا أكثر أن عددًا من وسائل الإعلام التي حضرت وتم تكريم إعلامييها في الندوة لم تنشر أية كلمة عن هذه الندوة.

س ـ لستم موجودين في لقاءات أحزاب أو تجمعات سياسية ولا نشاط سياسي لكم أو لقاءات أو بيانات فهل هو تقصير أم خطة من قبلكم؟

دعنا نقف قليلا عند مصطلح الأحزاب لنقول إنها بداية لا تعني التحزب الفئوي أيًا كان نوعه (طائفيًا، طبقيًا،……الخ) في الشعب الواحد….وهي ليست تكتل أفراد ووسيلة صراع فئة ضد أخرى في المجتمع الواحد….بل هي في مدلولها العميق توليد التوتر النفسي في الشعب للتعاون ولجمع القوى البناءة لتحقيق ما يسدّ الحاجات الحياتية المتسامية في هذا الشعب ولجمع القوى وضمان تنسيق فعل القوة في تنوعها وتركيبها الدقيق اللطيف…وفي هذا الإطار تصبح الأحزاب ظاهرة حضارية، وبالتالي فالكثير من التشكيلات السياسية الراهنة لا تستحق تسميتها الراهنة أحزابًا. وهذه التشكيلات ترى في السياسة غاية عملها وجهادها وتبتعد كليًا عن قضايا الشعب الكبرى.

أما الأحزاب التي تشترك في الغاية الواحدة التي هي مصلحة الأمة المعنية وإن تعددت وتنوعت أساليب وأشكال وطرق عملها….فهي المعنيّة بسؤالنا هذه الأحزاب. أبدينا سابقًا ونعلن راهنًا أننا راغبون في لقائها والتواصل معها .. وبناء على ما تقدم  فقد تواجدنا في أكثر من لقاء سياسي حين دعت الضرورة وتوفرت الإمكانية ( منبر الوحدة الوطنية / سليم الحص، والتجمع الوطني الديمقراطي / نجاح واكيم ). أما النشاط السياسي واللقاءات فهو حاصل رغبة وإمكانية متوافرتين لدينا وجهوزية الآخرين لذلك والتي لا نجدها في كل الأوقات وهو ما نعمل على حله مستقبلاً ولذلك أسباب ليس من المفيد ذكرها على صفحات الجرائد ويعرفها أصحابها جيدًا من قادة الأحزاب المعنيين.

أما البيانات فهي متوافرة وبشكل جيد وكثير وتصدر عن رئاسة الحزب وعمدتي الإذاعة والثقافة وباقي العمدات ضمن اختصاصها وترسل لوسائل الإعلام المقروءة والمرئية ولا ينشر منها إلا النذر اليسير. وهنا تقع مسؤولية وسائل الإعلام التي يبدو أن لها حسابات خاصة تحكم سياسة النشر لديها.

س ـ هل ستشاركون في الانتخابات اللبنانية ترشيحًا واقتراعًا حيث لم نلحظ في السابق أي نشاط انتخابي لكم ومن ستدعمون من المرشحين وهل من مواصفات ؟

لم نغب عن العملية الانتخابية يومًا.. ومرات كثيرة دعمنا مرشحين محددين يتمتعون بالخلق الحسن وحسّ المواطنية اليقظ.. أما اليوم فليس لدينا مرشحون محدّدون حتى الآن. ولكننا لن نغيب عن الانتخابات القادمة وسنتخذ القرار المناسب لتنفيذ ذلك بالشكل المطلوب بعد أن تتبلور الصورة النهائية للترشيحات والتحالفات والبرامج وغيرها من المعطيات اللازمة لاتخاذ القرار.. أما المواصفات الخاصة بالمرشحين فهي بالتأكيد مطلوبة، بل هي في المقدمة، وهي بالإضافة إلى ما ذكرناه في البداية مدى اقتراب المرشح من قياساتنا القومية وخصوصًا أولئك الذين يواجهون صراحة عدونا الأوحد اليهود.

س ـ بالعودة إلى الوضع الحزبي الداخلي كانت المشكلة الدائمة هي انبثاق السلطة والتعديلات التي تطرأ على الدستور هل توصلتم إلى حل معقول وما هو؟

لا مشكلة عندنا في عملية انبثاق السلطة، بل هي من اللطافة والسلاسة ما ينتج الأفضل دائمًا.. الميزة الأولى في نظامنا أنه يجري سنويًا وبشكل دائم، ويبدأ بانتخابات لجان المديريات تليها انتخابات مجالس المنفذيات، وذلك وفق مواد المرسوم الدستوري عدد 4، ثم يأتي دور مجالس المنفذيات في اختيار ممثلي الفرع الحزبي إلى المجلس الاستشاري، وهو المجلس المناط به التمرس بالعمل التشريعي تحت إشراف المجلس الأعلى. يستمر عمل المجلس مدة سنة كاملة، وينهي أعماله بانتخاب ثلث أعضائه ليشكلوا مع المجلس الأعلى الهيئة الانتخابية للمجلس الأعلى، هذه الهيئة تنتقي رفقاء للمجلس الأعلى بدلاً عن ثلث أعضاء المجلس الأعلى الذين انتهت مدة ولايتهم… أي أن المجلس الأعلى مستمر دون انقطاع، وأن تجديد ثلثه يتم سنويًا وفق الآلية المشار إليها، كذلك انتخاب مكتب المجلس الأعلى يتم سنويًا بعد انتهاء الانتخابات المشار إليها.. ثم يقوم المجلس الأعلى بانتخاب رئيس جديد للحزب كل سنتين.. ومما سبق، نلاحظ أن انبثاق السلطة في الحزب يشارك فيه جميع السوريين القوميين الاجتماعيين دون استثناء، وأن العملية دوريّة وسنويّة دون انقطاع، وأن وصول الرفقاء المؤهلين لتنكب المسؤوليات الحزبية ممكن وبشكل دائم دون أية عوائق إدارية . 

س ـ كيف تنظرون إلى علاقتكم مع سورية كنظام سياسي وهل من اتصال أو لقاءات مع قيادتها الرسمية أو الحزبية ؟

العلاقة بالمبدأ واجبة بحكم وجودنا وحضورنا العلني في الشام، أما نوع العلاقة فهو الذي يخضع للتقييم الدوري وفقًا للمصلحة العليا التي نراها تحكم كل علاقاتنا. وهي بدأت كما ذكرنا بُعَيْد تشكيل مفوضية الشام المركزية ومستمرة من خلال اللقاءات التي تتم حين تدعو الحاجة مع عدد من القيادات الرسمية، هذه اللقاءات التي اعتمدت رفضنا أن نحشر في زاوية من زاويتي الثنائية المضللة  ” معارضة ـ نظام “. لأن هذه الاصطفافات غير حقيقية في الواقع الحياتي للوحدة الاجتماعية، بل هي مضرّة وهادرة للكثير من الطاقة والجهد، ولأن الولاء الحقيقي للمجتمع مسألة مركبة، ما يحتاج إلى معارضة حقيقية مسؤولة وطنية.. وإننا بناء لذلك نعارض  كل من يريد تمرير مخططات العدو اليهودي الأمريكي. ونؤيد كل من يعي ويعمل ويناضل من أجل مصلحة الأمة بكل أبنائها ولكل أجيالها.. وأن هذه اللقاءات يجب أن لا تقتصر على لقاءات مع القيادات الرسمية للشام بل أن تشمل قيادات كل الملتزمين قضية الوطن من كل الاتجاهات والأطياف، وهي  لتفعيل “حوارنا الوطني ” وتعزيزه والانتقال به ليكون أكثر جدوى وأكثر انسجامًا وأكثر تأثيرًا، وشرطه لذلك، أن يكون أكثر منهجية علمية عقلية ـ وجدانية ـ وجودية…  

س ـ هل لديكم وجود في سورية وفي دول وكيانات أخرى ؟

إن “وجودنا” في الشام لم ينقطع ولكن العلني منه بدأ منذ حوالي العشر سنوات بتشكيل مفوضية الشام المركزية التي تنكبت العمل الإداري في الشام وبدأت عملها بالإطلالة على جميع القوى السياسية الموجودة على الساحة الشامية من أحزاب موالاة ومعارضة واتصلت بالجميع وشاركت في الكثير من اللقاءات والفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية والطلابية التي كانت تجري في الشام… وأقامت العديد من الاحتفالات العلنية الحاشدة واللافتة للمتابعين في المحافظات الشامية وفي المناسبات الحزبية ومنها احتفالات في حماة وحلب وكان آخرها احتفال الأول من آذار للعام الحالي في دمشق. كذلك لنا وجود في الكيانات السورية الأخرى ولكن له شكله المختلف عنه في الشام ولبنان وذلك لأسباب خاصة بظروف كل كيان من الكيانات… دون أن ننسى المغتربات التي نوليها أهمية استثنائية وسنعمل على تفعيل حضورها في أماكن تواجدها بالشكل اللائق.  

س ـ كل الأحزاب لديها تمويل أنتم ممن تتموّلون؟

تقصد التمويل الخارجي، من خارج الحزب، إذا كان ذلك فأوكد لك أننا لا نقبض من أحد حتى لا نرتهن له والجميع يحفظ ويردد المثل الشائع ( من يأكل من مال السلطان لا بدّ أن يضرب بسيفه).. أما تمويلنا فهو ذاتي من اشتراكات وتبرعات الرفقاء ومساهمات الفروع الحزبية في رفد الخزانة المركزية بالتمويل اللازم للعمل الحزبي.    

س ـ حولتم حزبكم إلى حزب طقوسيّ ويتلهى بالأشكال وتتهمون بأنكم حرفيون ومتزمتون لا بل منغلقين على أنفسكم فهل ثمة سياسة للانفتاح والتفاعل مع الآخرين والمجتمع؟  

في تاريخ البشرية دلالات أكيدة على أن الكائن الذي استطاع الاستمرار والهروب من الانقراض هو الذي توصل إلى استعمال الرموز وهي بدايات الإشارات العقلية… فإذا كانت “طقوسيتنا” من قبيل إعمال العقل فإننا نقبل حكمكم، لا بل ونفتخر به ولا يخلو شعب متمدن من طقوس يلتزم بها. أما إذا كانت ” الطقوسية”  المطروحة من قبلكم تعني الشكل الظاهري الحسيّ الفارغ من المضمون ذي المعنى الوجودي الحياتي فنحن لسنا طقوسيين…. نحن حركة حياة لها شكل ومظهر معبر عن جوهر روحيتنا الحية. ولأننا اقتنعنا بسعاده فاعتنقنا العقيدة فتشددنا في التمرس بتطبيقها على أنفسنا أولاً وبذلك لا نكون حرفيين أو متزمتين.. أما المغامرات الفكرية التي جعلت من بعض مواطنينا مادة تجارب عند بهلوانيي السياسة، والغوايات الفكرية السياسية، كلها قد زادت الطين بلة، ولم تقدم لأمتنا إلا المزيد من الويل. رغم صدق قسم من أصحابها فنحن لا نحاسب النيّات…. أما الانفتاح الذي تسألوننا عنه فهو رؤيتنا بالخروج وشعبنا إلى نور النهضة من البلبلة وكهوف التسكع على أبواب أفكار ومناهج موروثة أو مستوردة.. نور النهضة المعني هو وصول شعبنا إلى المعرفة الحق، إلى القدرة على القياس الصحيح، إلى اليقين، إلى الثقة بالنفس، وإننا في هذا المجال لا نطلب شيئًا لأنفسنا ولا نقفل أبوابنا في وجه طالب متفاعل، بل قد يكون الواجب أن ننتقل بأنفسنا إلى المواقع التي نجد وجودنا فيه يفيد الحركة السورية القومية الاجتماعية ومراميها الكبرى، وذلك لفتح حوار مع من لديهم العزيمة والتصميم والإرادة لمداواة جراح الأمة، والذين سيجدون منا كل ترحيب وتشجيع وصدر واسع.

س ـ ما هو شكل السلطة التي ستعلنون عنها؟

لا سلطة خاصة يأتي بها الرئيس الجديد، بل إنه يأتي بمجلسِ تنفيذيٍ لمعاونته في إدارة الحزب وممارسة السلطة التنفيذية، كذلك بمكتبٍ سياسيٍّ مركزيٍّ للعمل في المسائل السياسية الاختصاصية، ولاحقًا المكاتب المركزية  الاختصاصية… كلها لمعاونة الرئيس الذي يقوم بدوره بتنفيذ سياسة الحزب العامة المقررة في المجلس الأعلى… وهنا نستطيع الحديث عن المواصفات المطلوبة في رفقاء هذه الإدارات وألخصها بكلمتي “هِمّة الشباب وحكمة الشيوخ”…

س ـ هل ستخرج إلى الإعلام بمؤتمر صحفي ؟

لا يوجد ما يمنع، ولكن ذلك لم يتقرر بعد. وسيتم حين تدعو الحاجة.

س ـ هل من كلمة أخيرة؟

شكرًا للديار على مبادرتها الإيجابية لتحقيق هذا اللقاء، وتبقى الكلمة الأخيرة موجهة إلى جميع الرفقاء السوريين القوميين الاجتماعيين، ونذكرهم بنداء الزعيم بالعودة إلى ساح الجهاد سبيلاً وحيدًا لتحقيق مصلحة سورية التي هي فوق كل مصلحة. أما مواطنونا فإننا نلزم أنفسنا تجاههم بالعمل لإيجاد دوائر تتفاعل لتأمين المصلحة العليا وتتعاون في هذا الاتجاه، ولنا عليهم الاستعداد للتلبية. دون أن ننسى  المغتربات والتي أبعدت أو ابتعدت عن أداء واجبها القومي لأسباب يطول بحثها في هذه العجالة، خاصة وأنها بتماس مباشر مع جبهة الصراع مع اليهودية العالمية المنتشرة في هذه البلدان، والتي نطالبها  بفعلها المنظم لمصلحة عليا نعمل لها جميعًا.

                                                    تحيا سورية

 في 2008.12.26  

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *