بيان للثامن من تمّوز 2012 لكـــم مؤامراتكـــم ولنــا ربيعـــنا

هلّلت الشعوب العربية بالربيع المنتظر كأنها كانت على موعد مع غودو. حدث ما حدث في تونس ثمّ مصر، فليبيا واليمن، مرورًا بالبحرين وأخيرًا الجمهورية الشامية.
كتب الغرب “الديموقراطي الغيور” عن يقظة “عربية”، وسوّق لها إعلاميًّا موجّهًا انبهاره تجاه الجماهير “العربية التوّاقة للديموقراطية والتحرّر”، كأنّنا أمام ثورة عربية فكرية نهضوية هي استنساخ للثورة الفرنسية، لكن في القرن الحادي والعشرين.

وبغضّ النظر كيف بدأت، فالأهم كيف تطوّرت وانتهت، حيثما انتهت! استلام السلطة من قبل الإخوان في تونس، “ثورة شعبية من صميم الشعب الليبي” بقيادة الناتو والداعية الملهم هنري برنارد ليفي، ثورة مصرية تطمئن اليهود بعدم المسّ بالمعاهدات الموقّعة مع السادات ومبارك، والسلطة باستلام الطنطاوي الذي كان في أميركانية عند اندلاع الثورة، ومنه الى مبارك جونيور أو الإخوان؛ وكأن النتيجة لم تكن متوقّعة نتيجة تواجد أكبر مؤسّستين منظّمتين: الحزب الوطني في السلطة وتنظيم الإخوان في المعارضة، ومن له القدرة على المنافسة؟ أما اليمن، تنحّى الرئيس واستلم نائبه دون انتخابات ولا من يحزنون. فهل المشكلة كانت في شخص الرئيس؟

النهج باقٍ هو هو، وكلّ ما تغيّر هو اسم الحاكم، بعد أن بيع سلاح وقيّدت العمولات ونُهبت أرصدة الحكّام السابقين المسروقة أصلاً من تعب الشعوب، لتبقى حيث كانت مودعة في مصارف أسيادهم، الغرب “الديموقراطي الغيور”.

الرحمة للشهداء وللأنظمة المولودة ميتة. فلا نظام جديد من مدرسة بالية، إلا في الإعلام والدعاية. فما حدث في الدول العربية أقلّ مما حدث سابقًا فيها. وما حدث من كسادٍ في العام 2008 نتيجة نهب مبرمج في الدول “الديموقراطية الغيورة”، حتى التظاهرات السلمية في وول ستريت، ليست أقلّ أبدًا من حرق فقير نفسه في تونس، أو من ضرب الشرطة لشابٍ حتى الموت في مصر. فلماذا تغيير الستاتيكو لولا تلاقيها ومصلحة الغرب؟

أما في سورية الغربية، انسحب اليهود من جنوب لبنان في العام 2000، ثمّ من غزّة في العام 2005. بعدها، انهزموا في العام 2006، والتقارير والدراسات والتوقّعات والتحاليل كلّها تشير الى فشل أي هجوم جديد على الجنوب اللبناني، حيث أصبحت المقاومة أكثر استعدادًا للحرب وأفضل تجهيزًا بأسلحة أقوى وأشدّ فتكًا ودقّة، ممّا كانت عليه عام 2006. وحينها لم يدخل الجيش الشامي في المعركة لعدم حاجة المقاومة الى أيّ مساندة من القوات الشامية التي انسحبت عام 2005، في ظلّ وضع لبنان المعقّد والمنقسم بين فريقين. فلا حرب على جنوب لبنان دون انعكاسات كارثية على اليهود، حيث أصبحت أيّ حربٍ جديدة تضع وجودهم في جنوبنا على المحكّ في المدى المنظور. ولا حرب على الجبهة الشامية، حيث الجيش مجهّز بما هو أعظم من المقاومة في لبنان…

فجأة، تمرّ بجعة سوداء، ويتبدّل المشهد رأسًا على عقب، ربيع عربي بدلاً من حرب جديدة مع اليهود، ولا للصراع “العربي _ الإسرائيلي” من خلال أنظمة عربية دكتاتوريّة تقتل شعوبها. وعدوى “الربيع” تنتقل من بلد عربي إلى آخر، لتنتهي في الجمهورية الشامية! ويقف عندها دون الأردن والبحرين والمغرب والمنطقة الشرقية في العربة، حيث الشتاء مضى منذ زمن وملامح الربيع ظهرت بقوة، وخفتت دون سبب! فالتغيير عصيّ في دول عربية محدّدة، فيها ما يكفي من ديموقراطية، وأي جرعة زائدة من الديموقراطية قد تدفع بالمرأة لقيادة سيارة، أو بالرجل إلى معرفة مصطلح انتخاب وجمهورية؛ بدلاً من مماليك وإمارات. لكن في جميع الأحوال، الدول “الديموقراطية الغيورة” التي اشترتنا بالجملة وباعتنا بالمفرّق من جارتنا الشمالية، تريد مساعدتنا وخيرنا عبر الجارةِ الغاصبةِ أنطاكيا واللواء وكيليكيا! واليهود ماضون ببناء المستوطنات، وقتل سوريين دون رقيب أو لجنة لحقوق الإنسان…

إنّ ربيعنا هو الأوّل من آذار. أزهر في تأسيس نهضتنا في السادس عشر من تشرين الثاني. سقيناه في الثامن من تمّوز، وما زلنا. والحصاد لناظره قريب.

رئيس مكتب عبر الحدود
الرفيق هشام الشويري

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *