نصون وحدة المجتمع ـ نفدي سلامة الوطن. نعمل من أجل حياة حرة كريمة متسامية
يا أبناء “سوريا” العظيمة!
أنتم الشعب، ونحن منكم. ويشهد التاريخ أننا ما تخلينا يومًا عن قضيةٍ من قضايا أمّتنا، ولا عن مطلبٍ من مطالب شعبنا أو مصلحةٍ من مصالحه… وعبر حاضنةٍ وطنيةٍ لحزبنا عمرها ثمانون عامًا، نهجنا فيها نهجًا يتوافق مع مبادئنا وغايتنا في كلّ كيانات أمّتنا السياسية. فلم نقترب من نظام حكمٍ في يومٍ ما ولم نجنِ فائدةٍ من حاكم، وكانت كلّ ثروتنا تتمثل في كنز محبّتنا لشعبنا. ومن قناعةٍ راسخةٍ في نفوسنا أنّ الأزمة السياسية التي يمرّ بها شعبنا اليوم هي أزمة عميقة ومتشعبة، تتطلب من الجميع الانخراط في العمل السياسي المدني لتوجيه مجمل الحراك السياسي نحو برنامج تغيير يهدف، أولاً، إلى صيانة هويتنا الوطنية والقومية، ويضع مخرجًا آمنًا للأزمة بعيدًا عن مبدأ الربح والخسارة بين معارضةٍ وموالاة، وبما يضمن وضع “سوريا” على خط التغيير والانتقال من الدولة الأمنية إلى الدولة المدنية القائمة على مؤسسات دستورية تتجسد فيها سيادة القانون وتداول السلطة مدنيًا وسلميًا، عنوانًا لمشاركة الشعب السوري في إدارة مجمل شؤون حياته، ويكون رأيه وصوته الحرّ المستقل الملتزم بقيم الحق والخير والجمال المجتمعية، وسلامة الوطن وحريته مصدرًا لشرعية السلطة ومؤسساتها وإداراتها، عبر انتخاباتٍ نيابيةٍ شفافة حرّة مستقلة تُنتج ندوة برلمانية تكون السلطة فيها للشعب عبر ممثليه.
يا أهلنا في الشام
لقد بات الشعب بحاجة إلى تغيير ديمقراطي وطني على قاعدة المواطنة الحقة ـ مواطنون أحرار في وطن حرّ ـ يؤسّس لحاضنة وطنية عبر تغيير شامل لإدارة مجمل شؤون حياة الشعب، تغيير يُنهي نهج السلطة الحالي ويعيد بناء ما دمّرته العقلية الإقصائية في الشخصية الوطنية السورية وفي كلّ مناحي حياة الشعب، التي جاءت نتيجة سيطرة واحتكار “الحزب القائد والرأي الواحد”، وعقلية الوصاية على الدولة والمجتمع، واحتكار ما فيه وما عليه، واختصاره في ثقافة تسلّطية عطّلت، ومنذ فترة طويلة، مقوّمات المقاومة الحقيقية المعتمِدة على عوامل القوة الحقيقية الذاتية، وعقلية نفعية أفقدت الشعب المناعة ضدّ كلّ ما يدمّر حياته؛ عقلية إقصائية استبدادية انقلابية أسّست لسلطة “شمولية” تسلطية غيّبت إمكانات وطاقات وقوى مجتمعية كان يمكن لها أن تسهم في إنهاض المجتمع وتساميه، وتجنّب الشعب والسلطة والدولة مآزقَ وأزماتٍ لم تؤخِّر تطور المجتمع فحسب، وإنما تركته أسير قوى الظلام والتجهيل والفردية الهدّامة، وأوقعته في براثن الفساد والمفسدين، وأوصلته إلى حال بات الإصلاح فيه غير ممكنٍ، وأصبح التغييرالشامل والجذري والعميق لبنية النظام السياسي مطلبًا للجميع وشاملاً للجميع ومهمة الجميع.
ومن هنا، فإن وضع “سوريا” على مسار التطوّر الديمقراطي الوطني السليم يتطلّب إنجاز تحولاّت في كلّ مفاصل الدولة والمجتمع، تُلغى بموجبها مرتكزاتُ ثقافة الإقصاء والوصاية والتسلّط، وتتبدّل السياسات الداخلية بما يتوافق مع مصلحة الشعب السوري ويحميها ويؤمّن مستقبل أبنائه ويصون وحدة الوطن.
وبحكم كوننا أبناء هذا الوطن “السوري” أخذنا على عاتقنا ومنذ نشأتنا الاهتمام بالشأن العام، وقرّرنا التعبير عن إرادتنا وعن رأينا بأن الدخول في عملية التغيير يجب أن يبنى، بدايةً، على مفاهيم وذهنيات بديلة لمفاهيم وذهنيات الاستبداد أيًا كان مصدرها، وأنّ التغيير الذي ننشده هو تغيير أساسي تقتضيه الاحتياجات الموضوعية الداخلية أساسًا، وما يحيط بها، وتستدعيه ضرورة أخذ المجتمع السوري وتعبيراته المدنية زمام المبادرة، عبر مشروع ديمقراطي وطني، ينهي احتكار السلطة والدولة والثروة، ويؤسّس لتعددية حزبية سياسية ديمقراطية حقيقية تؤمن بالوحدة الوطنية أساسًا ومنطلقًا للوحدة القومية وصيانة مصلحة الأمّة التي هي، وقبل كلّ شيء، انسجام حقيقي ووحدة حياة للقوى الحية الفاعلة في المجتمع والموجودة على ساحة الوطن، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، ما يخلق روح المواطنة المسؤولة في تناول ومعالجة كلّ قضايا الوطن، وبمشاركة كلّ القوى السياسية في اتّخاذ القرارات المصيرية بعيدًا عن الإقصاء والتمييز والقسر.
وبناءً عليه، قرّرنا المشاركة والترشّح في انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الأول بعد إقرار الدستور الجديد (رغم أننا طالبنا بتغيير قانون الانتخاب القائم بقانونٍ انتخابي على أساس “سوريا” دائرة انتخابية واحدة وعلى قاعدة النسبية، وكذلك صوَّتنا بعبارة “غير موافق” على هذا الدستور، ولكن صوتنا كان محدودًا. وكم كنا نأمل أن يشاركنا الجميع هذا الرأي فيكون لنا دستور يلبّي حاجات شعبنا بشكلٍ أفضل).
وبعيدًا عن احتكار الرؤية من زاوية واحدة وعن الادّعاء بامتلاك الحقيقة الكاملة، وانطلاقًا من المشاركة في رؤية الحقيقة والاشتراك في الحياة مع كلّ أبناء شعبنا. نقدّم رؤيتنا لمستقبل الدولة في الشام، معتمدين هذه الرؤية برنامجًا انتخابيًا لممثلينا المرشّحين لعضوية مجلس الشعب:
1 ـ إنّ وحدة الوطن وسلامة أراضيه هي من المقدّسات والتفريط بها من المحرّمات. هي مقدّسات لنا لا يجوز المساس بها، بل يجب صيانتها وحفظها وحمايتها والدفاع عنها. وهي محرّمات لا يجوز ملامستها أو الاقتراب منها أو اختراقها من أي جهة كانت.
2 ـ التأكيد على أنّ الشعب السوري هو شخصية اجتماعية واحدة تكوّنت من مزيج متجانس من أقوام وإثنيات متعدّدة تفاعلت في ما بينها على مرّ العصور. أعطت هذه الشخصية الهوية الوطنية السورية للجميع وارتبط مصيرها بالوطن السوري الواحد وقدرته على التطور الحضاري، المدني، في إطار دولة الحق والقانون، وعلى أرضيةِ سوريا لكلّ السوريين، بما يحقق وحدة المجتمع السوري بعيدًا عن التمييز أو الإقصاء على أساس العرق أو الدين أو الفكر أو الطائفة أو الجنس… وبما يضمن مصلحة الأمّة والدفاع عن قضاياها.
3 ـ الإيمان بأن “سوريا” مجتمع تفاعلي حيّ مع محيطه القومي، وتكريس ثقافة الممانعة والمقاومة لجميع المشاريع الهادفة إلى النَيل من الوطن والأمّة. وتعميم ثقافة الانفتاح والتسامح بين أبناء المجتمع السوري كأساس لنشر ثقافة الديمقراطية الوطنية، وقبول الاختلاف في الرأي كممارسة لمفهوم المواطنة الذي يشكل عصب الدولة المدنية، والذي يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات، ما يلغي إلغاءً تامًا مفهوم “الأكثرية والأقلية” أيًّا كانت صفتها حزبية أم دينية أم طائفية أم إثنية… حيث تكون صناديق الاقتراع مكانًا يُحدَّد فيه حجم كلّ تنظيم.
4 ـ العمل على صياغة دستور جديد للبلاد، يعتمد مبدأ حق المواطنة للجميع بغضّ النظر عن الدين أو العرق أو اللون أو الجنس… يستوحي قيم وحاجات المجتمع، ويُؤسّس على قيم ومبادئ الديمقراطية الوطنية وحقوق الإنسان الطبيعية، يؤكّد على فصل السلطات الثلاث ويُنهي هيمنة واحتكار السلطة والعمل السياسي من قبل أي حزب أو أي فريق أو أي جماعة؛ دستور يضمن حقوق ومشاركة جميع “السوريين” بكافة تعبيراتهم المدنية والسياسية.
5 ـ تنظيم وتفعيل عمل الأحزاب والهيئات والجمعيات والنوادي والنقابات لتتمكن كافة تعبيرات المجتمع السوري من الانخراط في الشأن العام وحمل همومه، عبر معايير وروافع اجتماعية ذات ثقافة ديمقراطية وطنية تؤمّن التوافق بين الرؤى والتصوّرات المختلفة، وذلك بإصدار قانون عصري للأحزاب يضمن المشاركة في الحياة السياسية، وقانون لانتخاب ممثلي الشعب في جميع المراحل، يؤسس لنقلة نوعية في الحياة السياسية “السورية” عبر التمثيل الحرّ والحيّ والصحيح لمجمل تعبيراته المدنية والسياسية.
6 ـ التأكيد على مبدأ التداول السلمي للسلطة في كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها، على قاعدة نبذ العنف وعدم اللجوء إليه، واعتماد الوسائل السلمية والديمقراطية عبر صناديق الاقتراع، ووفق الآليات الدستورية.
7 ـ اعتماد نظام سياسي قوامه الديمقراطية في الدولة المدنية؛ الديمقراطية الوطنية القائمة على مبدأ فصل السلطات الثلاث ـ التنفيذية ـ التشريعية ـ القضائية، على قاعدة حق المواطنة للجميع. وعلى مبدأ فصل الدين عن الدولة وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب والإثنيات، فالدين لله والوطن للجميع، والدولة هي مؤسسة الشعب الكبرى والمظهر السياسي الحقوقي للمجتمع؛ نظام سياسي يعيد إنتاج واقع اجتماعي يمتلك ثقافة ديمقراطية وطنية ممانِعة ومقاومة لكلّ مشروع يمسّ سيادة الوطن والأمّة، نظام ديمقراطي حرّ قادر على بناء مجتمع حضاري ناهض.
8 ـ الفصل بين القضاء والسياسة والحكم، وضمان نزاهة القضاء واستقلاله لإرساء مبدأ القانون في الدولة والمجتمع، في خطوة مهمة لإقامة العدل وإشاعة الطمأنينة في المجتمع.
9 ـ إنتاج معادلة وطنية جديدة أساسها المواطنة، ودولة القانون والمؤسسات من خلال نظام ديمقراطي يجسِّد مدنية الدولة ومؤسساتها، والرؤية الديمقراطية للمواطنة المنصوص عنها في كلّ العهود والمواثيق الوطنية.
10 ـ إلغاء جميع الأحكام المعطِّلة للحقوق المدنية والسياسية داخل المجتمع، وإطلاق الحريات وصولاً إلى المناخ الملائم لتفعيل كافة جوانب الحياة الوطنية.
11 ـ القيام بحملة تطهير إدارات الدولة ومؤسساتها من الرشوة والفساد والتحكّم، والقضاء على المحسوبية ومحاربة الفردية والنفعية، وذلك عبر برنامج وطني لمكافحة الفساد، يشارك في تنفيذ هذا البرنامج شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة ونظافة الكفّ والخُلق الحسن. والعمل على زرع ورعاية ثقافة الولاء لمصلحة المجتمع.
12 ـ الفصل بين الملفات الأمنية والسياسية وعدم الخلط بينها، وذلك من خلال حصر صلاحيات الأجهزة الأمنية في مهمتها الأساسية لحماية الوطن والمواطن، لأنّ المواطن الحرّ الواعي هو الضامن الوحيد لوطن حرّ وتعزيز مكانته بين الأمم.
13 ـ تحديد مهمة الجيش بالدفاع عن الوطن وحماية أبنائه ـ وتحرير أراضيه المحتلة ـ والاستعداد للاشتراك في الدفاع عن قضايا الأمّة المحقّة. وهذا يتطلب حتمًا إعداد الجيش إعدادًا نفسيًا لفهم واجب الدفاع عن الوطن والأمّة، وغرس مفاهيم الفداء البطولي والدفاع عن الوطن في نفوس كافة أبناء القوات المسلحة ـ الجيش ـ.
14 ـ الالتزام بالعمل على تحرير جميع الأراضي المحتلة والمجتزأة من جسم الأمّة، واعتماد كافة السبل الممكنة لتحقيق ذلك.
15 ـ رفض ومقاومة ومحاربة المشروع الأمريكي ـ اليهودي. وكذلك رفض ومقاومة التهديدات والتدخلات الخارجية التي تحاول المساس بالسيادة الوطنية ومصالح أمّتنا والهادفة إلى الهيمنة على وطننا وأمّتنا بمسمياتها المختلفة: “الشرق الأوسط الكبير”، “الفوضى الخلاقة”، “تصدير الديمقراطية والحرية”…
16 ـ ضبط الاقتصاد وتنظيمه على أساس الإنتاج واعتماد سياسة الاقتصاد الاجتماعي، الذي يحقق الإنماء الاقتصادي والتنمية الاجتماعية معًا، ويرفع مستوى حياة الشعب، ويمنع حدوث أيّ خلل اقتصادي، شللاً كان أم ورمًا، في جسم المجتمع الذي يمكن أن ينتج عن آلية اقتصاد السوق في مجتمع بحجم مجتمعنا الوطني. والعمل على إيجاد نظام ضريبي على قاعدة الضريبة التصاعدية قائمة على الشفافية وحقيقة المطرح الضريبي، نظام قادر على توفير مستلزمات الضمان الصحيّ والتكافل الاجتماعي وتكافؤ الفرص مع التزام الدولة القيام بمهامها الاجتماعية تجاه أبناء الشعب كدولة رعائية بما يلبي حاجاتهم الحياتية المتنامية ومنع حدوث حالات تندرج تحت مسمّيات الفقر وخطوط الفقر.
17 ـ تحديث القوانين وجعلها عادلة لجهة التساوي في الحقوق والواجبات لجميع أبناء المجتمع والتنبه لحقوق المرأة والطفل، والارتقاء بها إلى مستوى المعايير المنبثقة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقات والمواثيق الأخرى ذات الصلة، وضرورة تفعيل دور المرأة وتنظيم طاقاتها، وإلغاء القوانين المجحفة بحقها، لتأخذ دورها الكامل في بناء المجتمع.
18 ـ الانتقال بـِ “سوريا” إلى دولة عصرية، فاعلة في المنظمات العربية والدولية، تعزّز دورها على الساحة العالمية، وبناء شراكة حقيقية مع دول العالم تضمن وتصون المصالح الوطنية المتبادلة.
إننا في الحزب السوري القومي الاجتماعي نسعى من خلال عملنا وفق برنامجٍ وطني المحتوى، ديمقراطي الآلية والثقافة، ينهي احتكار السلطة ويؤسس لمرحلة تضعنا على طريق التطور الحضاري، عموده الفقري، الاشتراك في وطن واحد، في وحدة حياة ووحدة مصير، يؤسس لفعل سياسي، ينسجم مع مرحلة التغيير، وعنوانها الأبرز: حق المواطنة للجميع والحرية المسؤولة والديمقراطية الوطنية؛ ويتصدّى للمسائل السياسية والقضايا الوطنية والقومية المطروحة في الساحة السياسية السورية بما يحفظ وحدة الوطن وسلامة أراضيه.
ـ وفي ظل الأزمة الحالية التي نمرّ بها تظل الأولوية قائمة بالدعوة إلى :
1 ـ رفض كلّ أشكال التدخّل الخارجي في الشأن السوري، وإدانة كلّ من يحاول الاستقواء بالأجنبي.
2 ـ وقف العنف بكل أشكاله ومن أي جهة كان، ورفض التطرّف والتعصب الديني والطائفي أو العرقي. واعتبار السلم الأهلي خطًا أحمر، وأي مساس به يندرج في إطار الخيانة الوطنية.
3 ـ إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة، أولئك الذين لم يرتكبوا جرائم بحق الوطن والشعب.
4 ـ التعويض الفوري لكّل من تضرّر ماديًا في الأحداث الأخيرة.
5 ـ إعادة المهجرين بفعل العنف إلى أماكن سكنهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
6 ـ حقّ التظاهر السلمي وقيام الحكومة بواجباتها في حماية المتظاهرين سلميًا.
7 ـ دعم الحركة الشعبية السلمية باعتبارها ضمانة التغيير الجذري والشامل.
8 ـ عقد مؤتمر حوار وطني يضع حلاً سياسيًا للأزمة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال فترة زمنية يتفق عليها في المؤتمر.
مؤمنين بأن الانتصار الأخير هو للشعب، وليس على الشعب
لتحيَ سورية حياة سعاده
في 28. 4. 2012 رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي
رئيس المكتب السياسي المركزي
الدكتور علي حيدر