قام مجلس الجامعة العربية بتاريخ 12 تشرين الثاني 2011 بتعليق عضوية الشام. وقد اختارت لجنة الموقع هذه المقتطفات للزعيم التي تناول فيها الجامعة العربية للدرس والعبرة.
كما تلفت لجنة الموقع الزائرين إلى أنها ستنشر مقالات كاملة لسعاده في هذا الشأن.
من رسالة إلى صلاح الدين الأيّوبي
في 11-12-1937
أيّها الرفيق
…أرسلت تسأل “ما هو موقف الحزب من قضية سورية الجنوبية الحاضرة وإلى أية طريقة يلجأ لمساعدتها أو لتخفيف ويلاتها” وأنا أجيبك بسرور: إن الحزب السوري القومي الاجتماعي يقول بأن لسورية الطبيعية قضية قومية واحدة تندمج فيها كل القضايا الجزئية والفرعية، كقضية فلسطين وشرق الأردن، والحزب القومي الاجتماعي لا يرى وسيلة لإنقاذ فلسطين إلا بتعميم الحزب السوري القومي الاجتماعي فيها وإيجاد الفروع النظامية وربط هذه الفروع بالمركز بحيث تنشأ من ذلك إدارة واحدة متينة تتمكن من الاستعداد والتجهيز لكل أمر، بدلاً من إحداث الحركات الفوضوية المضرّة التي تحدث اعتباطًا من غير سابق درس وتخطيط وتكون نتيجتها وبالاً على السوريين، كما دلت على ذلك جميع الحوادث السابقة، وفي الحزب القومي الاجتماعي مؤسسات فنية كالمكتب السياسي الذي يهتم بدراسة القضايا السياسية ومعالجتها بالطرق الدبلوماسية الفنية ووضع الخطط السياسية الدقيقة، وهذه لا تعلن لأحد لا للأعضاء ولا لغيرهم، لأنها تشتمل على نقاط خفية وأسرار دولة الحزب كما تشتمل وزارة خارجية أية دولة على أسرار وخطط لا يجوز البوح بها للشعب إلا بعد تحقيقها، حرصًا على سلامة الخطة.
…وإني أهنئك لاتخاذك الموقف الصحيح تجاه محاولات الذين أرادوا الاشتراك في جمعية تسمى “الجامعة العربية”.
ومن اسم هذه الجمعية يتبين أن أهدافها مباينة لأهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي، فالحزب له قضية قومية واحدة هي قضية القومية السورية، أمّا مسألة الجامعة العربية أو الجبهة العربية فهي من المسائل التي يرى الحزب أن سورية تكون مستعدّة للتعاون فيها مع الأقطار العربية الأخرى التي يهمّها إيجاد هذه الجبهة أو الاشتراك فيها وبالتالي تكون قضية سياسية لا قضية قومية…
من خطاب أوّل آذار 1938
…هذه البلبلة الفكرية الروحية التي نرى مظاهرها في “القضية العربية” وفي ” القضية اللبنانية” ساعدت على تجزئة سورية وتفكيك وحدة حياتها ووحدة مصالحها وتوليد صعوبات جمّة في سبيل نشوء قضيتها القومية التي جاء بها الحزب السوري القومي.
إنّ الذين تبلبلت أفكارهم وعقولهم يظنّون أنّ قضية الأمّة تُحقق عن غير طريق الأمّة، فالذين يرون بلوغ الأرب في قضية إسلامية يخمّنون أن ستر هذه القضية الدينية بستار من جامعة عربية يخفي دوافعها الباطنة عن المسيحيين في هذا الوطن ويقود الجميع في اتجاه واحد. فهم لا يفهمون نفسية الجماعة وطبيعة العوامل الاجتماعية ويجهلون كل الجهل أنه مهما تظاهر المسيحيون بأنهم مقتنعون بقضية “الجامعة العربية” فلن يألوا جهدًا في الاعتصام بقضية تناقض هذه الجامعة الدينية، والذين يرون الفلاح في قضية مسيحية يتوهّمون أن ستر هذه القضية الدينية بستار من شكلٍ عارضٍ يسمّونه “استقلال لبنان” يخفي عن المسلمين دوافع هذه القضية الباطنة فتجوز عليهم الحيلة وينضوون تحت لواء هذه القضية. وهم أيضًا لا يفهمون نفسية الجماعة وطبيعة العوامل الاجتماعية ويجهلون كل الجهل أنه مهما تظاهر المسلمون بأنهم مقتنعون بقضية “استقلال لبنان” أو الانعزال في لبنان فلن يألوا جهدًا في العمل لقضية تناقض هذا الاتجاه الديني. والغباوة من الجانبين تُري الفريقين أنه يمكن التعويض عن الحقائق الاجتماعية وحاجات الجماعة بشيء قليل أو كثير من المنطق الكلامي.
من خطبة الزعيم في كردبا
في 26 كانون الأول عام 1940
… إنّ الذين حاربوا النهضة السورية القومية الاجتماعية هم فريقان من الرجعيين! فريق الضاربين على وتر الجامعة العربية- الإسلامية (المحمدية). وفريق الضاربين على وتر الانفصال اللبناني الماروني. والأولون يكذبون على الناس قائلين إن الحزب السوري القومي الاجتماعي عدوّ للعرب والإسلام. والآخرون يقولون إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي عدو للبنانيين والمسيحية. وكل من رجع إلى مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي ووثائقه الرسمية يتأكد له أن الفريقين يخدعون الناس وينافقون في الوطنية.
ومع ذلك فإني أشعر أنكم ترغبون وتتوقعون مني تصريحًا عن موقف الحزب من العالم العربي ومن لبنان. ففي المسألة الأولى أقول إن الحزب السوري القومي الاجتماعي يعدّ سورية أمّة من أمم العالم العربي. وقد صرّحت في أول آذار الماضي أنه متى كانت المسألة مسألة مكانة العالم العربي كله وكرامته فنحن جبهة العالم العربي وسيفه وترسه. ولكننا نحسب ونؤكد أن الوجهة القومية الصحيحة تتطلب منا أن نفهم سوريتنا وأن نعمل ضمن نطاق شعبنا.
إنّ العالم العربي لا يمكنه أن يستفيد من سورية منقسمة على نفسها مجزأة بين الأحزاب الدينية ورازحة تحت نظام اقتصادي- سياسي فاسد.
فالنهضة السورية القومية الاجتماعية تعمل لتوحيد سورية وتجعل العصبية القومية تنتصر على العصبيات الدينية المتنافرة لإقامة العدل الاقتصادي- الاجتماعي الذي يؤهّل سورية لأن تكون أمّة حية قوية. ومتى صارت سورية ناهضة قوية كما يريدها ويعمل لجعلها الحزب السوري القومي الاجتماعي، أيوجد عاقل واحد، غير مصاب بمرض النفعية، يعتقد أو يقول إنّ ذلك يكون ضد مصلحة العالم العربي؟
نزاع
نشرت إحدى الصحف في الأرجنتين عام 1947 هذا الحديث للزعيم ونُقل في «كل شيء» البيروتية عدد 50. وقد أكّد الأمر المفعول ما رآه الزعيم قبل وقوعه.
س- هل تعتقدون أنّ الجامعة العربية قد أثبتت حتى الآن أنها عامل فعّال مساعد على تحقيق المبادئ التي تدينون بها والأهداف التي تسعون إليها؟
ج- إنّ الجامعة العربية قد قصّرت حتى الآن عن مساعدة التطور القومي الصحيح في أمم العالم العربي. ويظهر من أعمال مؤسسة الجامعة العربية أنّ هنالك رغبة واضحة من بعض الجهات وتخطيطًا مستمرًا لتحويل المؤسسة المذكورة إلى مؤسسة مركزية للعالم العربي كله. والدعوة إلى فدرالية تتمركز في مؤسسة الجامعة العربية تشتد ظهورًا وتأخذ في الطغيان على قوميات أمم العالم العربي.
إن مسألة فلسطين هي المسألة الوحيدة التي أظهرت مؤسسة «الجامعة العربية» أنها عامل مساعد فيها. ولكن هذه المساعدة لم تكن بلا مقابل، فهي تقوم ليس على اعتبار أنّ فلسطين سورية كما أنّ السودان مصريّ، بل على اعتبار أنّ فلسطين لجميع دول العالم العربي بتساوي الحقوق والمسؤولية فيما بينهما فيها.
لا بدّ من نشوب نزاع
مما لا شك فيه أن نزاعًا بين القومية السورية واتجاه مؤسسة الجامعة العربية نحو إضعاف قوميات أمم العالم العربي التي هي في بدء يقظتها بتنشيط فكرة الفدرالية، سينشب. وفي هذه الحالة فأرجّح أن تتشكل جبهتان، في الواحدة منها تقف الدول السورية وفي الثانية مصر والعربية السعودية أو الوهابية أو مصر وحدها وتقف العربة على الحياد.
من مقابلة مع جريدة بيروت
في 28 نيسان 1947
س- ما هو موقف الحزب من الجامعة العربية؟
ج- الحزب يقول بضرورة وجود مؤسسة من هذا النوع تجمع مصالح أمم العالم العربي المشتركة بقصد التعاون لما فيه خير العالم العربي أجمع، ولكن لا يزال موضع سؤال هل تحقق الجامعة العربية في شكلها وأساليبها الحاضرة هذه الغاية العظيمة على أفضل وجه؟
س- ما هي العروبة بالنسبة لكم؟
ج- هي جامعة للأهداف والمصالح التي هي فوق القومية، إذ هي جامعة مصالح لعدة أمم أي عدة قوميات متقاربة، ويحسن تعاونها وتوثيق الروابط بينها.
من مقابلة مع جريدة لوسوار
حظي مندوب جريدة «لوسوار» الصادرة في بيروت باللغة الفرنسية بمقابلة الزعيم في مقرّه، ووجه إليه الأسئلة التالية التي ننشرها مع أجوبتها:
…
س- ما رأيكم في الجامعة العربية ودورها في حل مشاكل العالم العربي؟
ج- الجامعة العربية هي شكل لتطبيق برنامجنا لإيجاد جبهة عربية. يظهر أن هذه الجامعة تتجه نحو صيرورتها نظامًا للإدارة المركزية أو مؤسسة تنفيذية مركزية تهدف إلى قيادة جميع أمم العالم العربي.
إنّ مشاكل ومصالح كل أمّة عربية والمصالح المشتركة بين مجموعة هذه الأمم لم تحدد ولم تمثل في الجامعة. هنا تخلق صعوبة المحافظة على المصالح القومية لشتى الأقطار العربية والدفاع عنها.
***
من مقابلة مع جريدة كلّ شيء
في 31 تموز 1947
…العرب بحاجة إلى تعاون أقوى
س6- هل تعتبرون التعاون الحالي بين الدول العربية، نعني التعاون الذي رسم حدوده ميثاق الجامعة العربية، محققا لأهدافكم؟ وإلى أي مدى؟
ج-لما يتح لي الوقوف على ميثاق الجامعة العربية ودرسه، ولكني أرى من مراقبتي سير الجامعة المذكورة وتطوراتها أن أمم العالم العربي تحتاج إلى تعاون أوضح وأقوى.
من المحاضرة الثالثة
25 كانون الثاني 1948
…إن عدم اعتبار السوريين قضية فلسطين قضية سورية محض بالمعنى القومي، وعدم تناديهم إلى عقد مؤتمر فيما بين الدول السورية للبت في قضية فلسطين- للدفاع عنها- أخرج القضية من حقوق السوريين إلى نطاق مشاع بين حقوق عدة دول ضمن العالم العربي. صارت حقوق مصر والعرب ومراكش الخ.. مثل حقوقنا نحن وهذا غلط كبير، هذا تفريط في الحقوق القومية. ومع شدة تبجح السوريين بأنهم يمتازون بالفكر والعقل على بقية العالم العربي كانوا من هذه الناحية متأخرين ولنا بعصبية مصر مثل. إذا قابلنا بين موقف السوريين من الأولى وموقف المصريين من الثانية، اتضح الفرق الكبير بين وضوح مصالح مصر للمصريين وغموض مصالح سورية للسوريين. المصريون لم يضعوا قضية السودان في يد الجامعة العربية ولم يسمحوا بجعلها قضية غير مصرية بحت، لأنهم يشعرون أن السودان يخصهم ولا حق لأحد غيرهم بتقرير مصير ذلك الجزء من وطنهم ولا يقبلون أن يتدخل لبنان أو الشام أو العراق في الأمر وتنوب عن السودان أو عن مصر في البت في مصيره.
أما نحن فقبلنا أن تتدخل في قضية فلسطين أية شخصية غير سورية من العالم العربي وأن تعدها قضية لها كما هي لنا وأن تعتبر نفسها متساوية معنا نحن في الحقوق والمسؤولية وفي تقرير المصير. لم ينتظر العرب والمصريون إلى أن يقول السوريون كلمتهم ليؤيدوها كدول شقيقة أو محبة أو متألمة أو مشتركة في بعض المخاوف، بل تدخلوا مباشرة كأن الأرض تخصهم كما تخصنا ولهم ذات الحق كما لنا.
من الذي يكفل لنا ان العمل صار بإخلاص من جميع الجوانب التي تدخلت في القضية لمصلحة فلسطين والأمّة السورية؟
والصحيح أن النتيجة السيئة في كل الشوط الماضي في صدد فلسطين حصلت من تلك التدخلات الواسعة غير المضبوطة التي عرضت القضية إلى مساومات وتأثيرات ما كان يجب أن تتعرض لها.
إننا نشك كثيرًا في أن المملكة العربية السعودية كانت تشعر بالفعل أن فلسطين يجب الدفاع عنها كما يشعر السوريون وللغاية السورية عينها التي يريدها السوريون. فالأرجح، الذي تدل الدلائل عليه، أن المملكة السعودية رأت أن في تدخلها مجالاً للعمل لمسائل خاصة بها ويمكننا أن نعتقد، وهنالك أسباب تؤيد هذا الاعتقاد، إن مصالح مادية هامة تمكنت المملكة العربية السعودية من الحصول عليها بطرق المساومات على كيفية تقرير مصير فلسطين. إن القروض المالية الكبيرة التي تستعد دولة الولايات المتحدة الأميركانية لإقراضها لها وفي المصالح المادية الكثيرة التي حصلت بين الولايات المتحدة الأميركانية والمملكة العربية السعودية لا تسمح بأن نظن أنها بعيدة عن تنفيذ خطط السياسة الأميركانية في صدد قضية فلسطين. كذلك نرى أن المصريين نظروا إلى قضية فلسطين من وجهة مصرية بحتة.
في الوقت الذي لا يوجد فيه تخطيط سياسة سورية وليس للسوريين موقف واحد صريح موحد، وسورية مجزأة وكل جزء من أجزائها يكون احتكارًا لبعض الفئات الرأسمالية أو الإقطاعية- في الوقت الذي نجد فيه سورية في هذه الحالة السيئة، نجد أمّتين من أمم العالم العربي قد كونتا وحدتيهما على أسس أمتن وأقوى على تقرير مصيرهما وأقوى على التدخل في ما يخص الأمّة السورية وحدها بدون منازع!
من المحاضرة العاشرة
4 نيسان 1948
…إن الجامعة العربية كمؤسسة لإيجاد التوافق بين أغراض أمم العالم العربي وإيجاد وسائل التعاون بين أمم العالم العربي كل أمّة من أممه تعطي من ذاتيتها حيوية لقوتها، إن هذه المؤسسة هي التحقيق العملي لنظرة الحزب السوري القومي الاجتماعي وإن كانت، بطريقة عملها وفعلها، تحقيقًا فاسدًا لهذه النظرة.
وحيث يكون التحقيق فاسدًا، بأس شيء تعتصم الجماعات؟ تعتصم بحق السيادة القومية «ولكن السيادة القومية، تبقي للمجتمع حق تقرير مصيره حتى إذا اختلت العقود والمقررات.