الموظف الحكومي

“رب العمل” في النظام الرسمالي – الإقطاعي الاستغلالي، يحرص على تأمين موظفين يخلصون للعمل. وهو لا يألو جهدًا في استنباط الأساليب لربط الأشخاص العاملين له، به، وبعملهم. وفوق كل هذا يحرص على انتقائهم من الذين يتقنون العمل الذي يولج بهم. “فالإخلاص” وإتقان العمل أمران ضروريان لتأمين الربح في الحالات المؤاتية.

والشعب السيد العامل على تأمين مصلحته وسد حاجات حياته، تظهر في جميع مؤسساته بوادر الإتقان والإخلاص للعمل فيكون الإنتاج أفضل، وبالتالي ترقى الحياة في المجتمع المؤهل للسير المنطلق. وليس غريبًا على السوريين هذا الأمر، ما دامت الحاجة إلى الخبراء في الشؤون الإنتاجية تستدعي استجلابهم مؤقتًا من الخارج (وكم منهم من لا خبرة له).

وأهم مؤسسات المجتمع هي مؤسسة الحكومة. والموظفون في هذه المؤسسة يجب أن يكونوا من خيرة المواطنين ثقافة قومية صحيحة. والثقافة القومية الصحيحة تعني الإخلاص للعمل، وبالتالي الإخلاص لمقومات الحياة الجيدة، وإلى جانب الإخلاص للعمل تعني إتقان العمل لإنتاج ما هو أفضل زراعة وصناعة وفكرًا.

إن إنتقاء الموظفين كان مقياسه الإخلاص للحاكم أو إخلاص الحاكم لأفراد يشاء أن يرد لهم جميلاً أو أن يسلفهم جميلاً لقاء الولاء له، لشخصه كسياسي محترف. أما البناء الاجتماعي الصحيح فيحتاج إلى مقاييس صحيحة للانتقاء. فلا يكتفي بأن يكون الموظف يتقن العمل إذا فقد الإخلاص وكانت نفسيته مريضة تجعل منه عبدًا لحالة أو لوضع أو لأشخاص. ولا يُنتقى المخلص لشخص أو للمجتمع لعمل لا يتقنه. فلا يوجه الاقتصاد مثلاً تاجر يقيس الأمور بالربح الشخصي. ولا يوجه الأشغال العامة محام لمع أمام اقواس المحكمة. ولا يسلم التوجيه القومي لمن ينكر على أمته عظمة نفسيتها ويمحض ولاءه لتعاليم أو لدولة خارجية، أو لمن أتقن “فن السياسة الاحترافية المؤقتة المحصول”.

الثقافة القومية الصحيحة هي في أساس كل عمل. إنها الولاء للأمة، للمجتمع في استمراره. ويليها إتقان العمل ليكون الإنتاج صحيحًا لمصلحة الحياة الفضلى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* البناء الاجتماعي عدد 272 تاريخ 22 تموز 1953.

جورج عبد المسيح: البناء الاجتماعي، ص 194

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *