بيان عمدة القضاء

تعود النقاشات “القانونية” اليوم الى البروز إعلامياً وبين المواطنين، ومنهم من يدّعي معرفةً، ربما توفّر له منها النزر اليسير، لكنه يناقش بثقة من يمتلك الحقيقة.

و”الحقيقة”أصبحت شمّاعةً تعلّق عليها كلّ أسباب الخلاف – الواهية لمن يعقلون – والكافية لمن يستمرون في الانسياق في اللعبة، متناسين قول جبران” أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.

تنازل القضاء اللبناني عن صلاحيّته في النظر في جريمةٍ خطيرة حدثت على أرض لبنان، وطالت لبنان ومصلحته، وأهدافها مكشوفةٌ للناظرين؛ أنشئت “المحكمة الدولية الخاصة بلبنان” رغم جميع الملاحظات على إنشائها وشرعيّتها وقانونها وإجراءاتها، ورغم ما طال إنشاءها من سابقاتٍ غير دستورية وغير قانونية، واعتُقل الضباط الأربعة لمدة أربع سنوات بناءً على شهادات “زور” أو “افتراء” – وقد سمّى قاضي التحقيق الشهود “غير ذوي صدقية” –  وأُطلق الاتهام السياسي رافعاً الحواجز بين أبناء الشعب الواحد، ليأتي الاعتذار بعد كلّ ما جرى دون أن يُصلح ذات البين؛ واليوم يعود شبح قرار الاتهام الذي استُعمل تهديداً للنظام الشامي، يعود ليظهر ولكن في غير وجهة، في وجهة “عناصر غير منضبطة” في حزب الله! والهدف أيضاً واضح، وهو إزالة كلّ “خطر” يواجه الكيان المغتصب في فلسطين، وأتت المذكّرات الصادرة عن القضاء الشامي – وهو صاحب صلاحية في النظر في الدعوى المقامة أمامه من اللواء السيد – بناءً على الاتفاقيات المعقودة بين لبنان والشام في هذا المجال، وكثرت التأويلات و “الاجتهادات” وكلّها يكاد يلامسُ الحق.

إذا حاولنا أن نحلّل ما يحدث، نجد أنّ التحقيق في أيّ جريمة لا بدّ أن يتناول كلّ التفاصيل المتعلقة بها والاحتمالات المطروحة، والسؤال الأول: مَن المستفيد؟ هنا لا بدّ أن توجّه الأصابع الى العدو المغتصِب المخطّط لسايكس – بيكو ونتائجها حتى اليوم، كما أنّ التحقيق مع هؤلاء الشهود “غير ذوي الصدقية” – باعترافهم – لا بدّ أن يضيء جوانب لا تزال خافيةً في الجريمة، بعد تضليلٍ دام لما يزيد على الخمس سنوات. أما إحالة هؤلاء الى المجلس العدلي، فهي النتيجة المنطقية بعد إحالة القضية الأساسية إليه، أو حتى تطبيقًا لاختصاصه في النظر في الجرائم التي تمسّ الدولة وأمنها، وتثير الفتن والانقسامات…. والتي قد تؤدي الى معارك عسكريّة في الشعب الواحد.

و”الملفات” التي تثار لتفضح أو “تزلزل”، فالأجدى أن تُترك لأصحاب الاختصاص والصلاحية في إعلانها، ودون مغالطات، وفي الوقت المناسب، دون المساس بسرّية التحقيق، ومن لديه معلومات تؤثّر في مجرى الدعوى، (كما يدّعي دون أن يتّهم!) فليزوّد القضاء بها، لعلنا نرتاح من الأخذ والردّ،  ومن مدّعي الخبرة القانونية “بضمائر مرتاحة”!

أما المذكّرات الصادرة عن القضاء الشامي والتي أُرسلت، بموجب الاتفاقيات المعقودة بين البلدين، لمراتٍ ثلاث، دون أن نعرف موقف القضاء اللبناني منها أو ردّه عليها، فنحن على ثقة أنّ القضاء العادل لا بدّ أن يقول كلمته في هذا الشأن، لأنّه الوحيد صاحب الصلاحية في ذلك، وإن أمهل فلن يهمل حقّه وواجبه في صيانة القانون وتطبيقه، ومحاسبة كلّ مخلٍّ به.

إنّنا ندعو المسؤولين والإعلاميين والمواطنين، انطلاقاً من مسؤوليّتهم عن صيانة مصلحة شعبهم ووطنهم، أن يتركوا النقاش لأصحاب الاختصاص، وأن يعملوا حقًّا في سبيل إحقاق الحق، محافظين على وحدة شعبنا ومصلحته، في مواجهة الخطر الأدهى المحيق بنا – الكيان اليهودي المغتصب لأرضنا.

المركز في 15/10/2010                                                                                                                             عميد القضاء

                                                                                                                                                                الرفيقة علا الغناج

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *