«إنه تصريح اعتدائي على وجود الأمة السورية وعلى سيادتها وحقوقها.» سعاده، 1947
لماذا لم يسقط تصريح بلفور حتى الآن؟
لم يسقط هذا التصريح لأن الأمّة السورية «لا تزال صريعة الحزبيات الدينية المتحمّسة وضحية أحقادها الوبيلة»؛ لم يسقط لأننا نحن السوريين قد صدّقنا أوهام اليهود وخدائعهم، جاعلينها ”وقائع وحقائق“ مقدّسة ومكرّسة في مؤسساتنا الدينية والتربوية والإعلامية..، من خديعة ”أرض الميعاد“ إلى خديعة ”الديانات الإبراهيمية“.
لم يسقط بسبب السياسة الجزئية والدينية اللاقومية غير القادرة على الانطلاق من الأساس الحقوقي للمسألة.
لم يسقط لأن كثيرين من السوريين الجهال يرون اليهود ”مظلومين مساكين“، ولا يمانعون في أن يكون لهؤلاء دولة على أرضنا “أسوة بالآخرين“.. وهنا أساس المشكلة، وهي أن بعض السوريين يرون بعضهم الآخر ”آخرين“.
لم يسقط هذا الوعد الأثيم لأن الاقتتال الداخلي ساعد الدول الاستعماريّة في تحقيق مصالحها مغتنمة ضعفنا وشللنا. وهو ما جعل بريطانية تتباهى باقترافها هذه الجريمة الكبرى التي سهّلت إنزال الموت والخراب في وطننا منذ رئيس وزرائها لويد جورج إلى تيريزا ماي التي دعت إلى التفاخر والاحتفال بالذكرى المئوية للتصريح، إلى ليز تراس التي أعلنت مطلع الشهر الماضي أنها ”صهيونية كبيرة“مؤيدة لإسرائيل، داعية إلى «نقل العلاقة بين المملكة المتحدة وإسرائيل من قوة إلى قوة» في حفل أقامته كتلة ”أصدقاء إسرائيل المحافظون“.
أيها الشعب السوري
لم يخرج في سورية، يومها، «رجلٌ فدائيّ يضحّي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور»، ولكن منذ أن استشهد الرفيق حسين البنّا (من شارون- جبل لبنان) في نابلس في 24 أيلول عام 1936، سقط آلاف من أبنائك فداءً لفلسطين. واليوم تبتكر شبيبتك بطولات يخلّدها التاريخ أصابت العدوّ بالخوف والجنون واليأس، وهو بات ينتظر ألف أشرف نعالوة وألف عمر أبو ليلى وألف عدي التميمي…
إن سلاح المناقب القومية الذي ولّدته حركة نهضتك هو أساس إنشاء قوة منظّمة قادرة على كسر العوامل التي لا تزال فاعلة في حماية الدولة اليهودية المصطنعة، وعلى إسقاط تصريح بلفور ومحق هذه الدولة الغريبة.
في 2 تشرين الثاني 2022
عميد الإذاعة
الرفيق إيلي الخوري