إنّها الذكرى الأولى بعد المئة لمعركة ميسلون. المعركة الّتي كانت وقفة عزّ وقفها شعبنا ضدّ الاحتلال الفرنسيّ. فنحن لا نقبل بحكم أيّة دولة غريبة علينا لأنّنا على يقين أنّ الأمم الحرّة المستقلّة يمكنها حكم نفسها دون أيّ تدخّل خارجيّ.
يوم السبت، 24 تموّز 1920، دخل تاريخنا الحديث من أوسع أبواب العزّة والكرامة حين رفض الشعب الخضوع والاستسلام لقرارٍ سياسيٍّ يعمل دائمًا على تسوية الأوضاع على حساب كسر مبادئ الوطنيّة. فجاء موقف السوريين في وجه انتهاك سيادة بلادهم من قبل الفرنسيّين، وهذا إن دلّ على شيء، فهو يدلّ على عظمة وحياة هذا الشعب.
هذا الموقف أثبت أنّ المرء لا يكون حرًّا إلّا إذا كان يتمتّع بكامل ”حقوقه“. على سبيل المثال، إذا كان شخصٌ ما يعيش في مكان واسع الأرجاء وفيه كلّ ما يتمنّاه للعيش ويمكنه أن يفعل ما يشاء، ولكنّ هذا المكان مُغلَق ببابٍ له خمسة أقفالٍ، ومفاتيح هذه الأقفال هي مع خمسة أشخاص مختلفين، والباب لا ينفتح إلّا إذا فُتحت الأقفال الخمسة بالمفاتيح الخمسة في وقت واحد. وإذا قرَّر ساكن المكان الخروج منه ولكنّ واحدًا من أصحاب المفاتيح لا يريد أن يستعمل مفتاحه ليفتح قفله به، فهل يكون ساكن المكان حرًّا ليفعل ما يشاء؟
تشبيه آخَر: ”جبال الصوّان“ مسرحيّة للأخوين رحباني قُدّمت صيف 1969 في بعلبكّ ودمشق. تبدأ المسرحيّة بمشهد حصار جبال الصوّان من قبل جيش ”فاتك المتسلّط“، يواجههم قائد محلّيّ اسمه ”مدلج“ يقف وحيدًا رافضًا الاستسلام لهم. وبعد موت مدلج المحتَّم، يصف أحد قادة جيش فاتك المتسلّط بأنّ موت مدلج ”كان أقوى من السيف“. فهل هناك وصف لاستشهاد يوسف العظمة ورفاقه أبلغ من أنّه كان ”أقوى من سيف“ الفرنسيين في ميسلون؟!
أوليست الأمّة الّتي بلغت قمّة ميسلون، وغيرها من القمم منذ ميسلون، جديرة بأن تبلغ قممًا أكثر في المستقبل، حتّى بلوغها قمّة النصر الأخير؟
في 24 تموز 2021
المواطنة رنوة برباري