الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ
المكتب السياسي المركزي
«أمّا السلام العالمي بعد تجريد الأمّة السورية من حقوقها القومية وبعد تجريدها من مواردها الطبيعية فماذا يعني لها غير الذلّ والفقر والفناء؟!» سعاده، 1949.
في مقابلة على قناة ”الإخبارية السورية“ بُثّت في نيسان 2017، وأعيد تداول مقاطع منها في أيلول الجاري، أتحفنا الدكتور مهدي دخل الله، ”وزير الإعلام السوري السابق“، وعضو القيادة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي، بتصريح من قعر هاوية منطق ”الواقعية السياسية“، منطق العمل السياسي اللاقوميّ؛ منطق من يجهل معنى الأمّة والوطن والحقوق والمصالح القومية؛ منطق من لا يُقدّر أنّ العبودية هي مصير المتخاذلين؛ منطق ”الاختلاطات العربية“ التي لا يزال رجعيّو العروبة الوهمية يردّدونها ببغائيًّا بعد قرن من الكوارث القومية التي حلّت بالأمّة السورية، والتي يتحمّل هؤلاء جزءًا كبيرًا من مسؤولية حصولها.
هذا هو المنطق السياسي التجاري الذي يجلب خسارة الوطن بالتعنّت داخليًّا وبتقديم التنازلات خارجيًّا، بهدر دماء الشهداء وبمسامحة عدوّنا مجّانًا. إنه المنطق ”الواقعي“ الذي يرضى بما تقرّره الإرادات الأجنبية لشعبنا؛ منطق الأمر المفروض الذي لا يريدنا أن نستعيد حقوقنا القومية، وأن تقرّر أمّتُنا السورية مصيرَها الذي ترضى به؛
هكذا، وباستغباء للعقول، يرى ”دخل الله“ أنّ هدف المقاومة هو «تحقيق مبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة، طبعًا التي سوف تكون مرتبطة مع إسرائيل باتفاقات حلفوية دفاعية»، ”دولة مستقلة“ تزيد تقسيم سورية سياسيًّا وترضى بما يقرّره العدوّ. وهكذا، وبسهولة تامة، يسقط ”دخل الله“ من الموقف القومي الذي أعلنه في حديث مع ”القدس العربي“ عام 2006، حين قال :«لم تعد القضية قضية مؤسسات رسمية وحكومات وجيوش، وإنما الشعب هو الذي يقرّر»، إلى الخيانة المتبجّحة الوقحة.
في مقالة ”الأرض السورية يدافع عنها جيشٌ سوريّ لا جيشٌ تركيّ”، قال سعاده عام 1937: «وليس شيءٌ أضمن للسلام من استعداد بعض الأمم للفناء في معترك تنازع الحياة والتفوّق. وإذا كان على رأس الحكومة السورية رجال مسؤولون يحبّون السلام أكثر من الاحتفاظ بالحياة القومية، ويقفون تجاه الأخطار المحدقة والمناورات الموجّهة ضدّ سلامة الوطن ومصالح الأمّة مكتوفي الأيدي، لا يُبدون ولا يُعيدون فليس موقفهم معبّرًا عن رغبات الأمّة وإرادتها.» والمحزن أنّ هذا النوع من السياسيين العبيد المستسلمين، ”مكتوفي الأيدي“ تجاه الأخطار نفسها، لا يزال متحكّمًا بمصالح الشعب بعد كلّ هذه السنين. والمريب أن لا يصدر قرارٌ من قيادة ”حزب البعث“ بمعاقبة هذا العضو، أو حتى موقفٌ يستنكر هذا التصريح ويرفضه.
إذا ذهبت جميع الدول العربية إلى عقد اتفاقات مذلّة مع عدوّنا، فهذا سقوط أخلاقي إنساني تكون قد انحدرت فيه، أمّا إذا أقدمتِ الدول السورية على التنازل عن الحقّ القومي للعدوّ، حتى لو كانت ”آخر الدول التي توقّع“، فهذه خيانةٌ محض ستقضي الأمّة السورية عليها بتنفيذ مبدأ «إنّ اليد التي تمتد لتوقّع الصلح مع اليهود تُقطع من العنق».
في مثل هذا اليوم من عام 1982، أطلق الرفيق خالد علوان رصاصاتِه، بكلّ هدوء وثقة وبطولة، على رؤوس ضبّاطٍ وجنودٍ يهود في مقهى ”الويمبي“ في بيروت وأرداهم. فتحسّسوا رؤوسكم الخبيثة يا دعاة ”السلام“ الزائف، يا من تجلبون العار بمواقفكم الحقيرة، يا من تنتظركم المشنقة قصاصًا عادلًا للخائنين، «ومن يعشْ يرَ».
ولتحيَ سورية.
المركز، 24 أيلول 2020 المكتب السياسي المركزي
ملحق
تصريح مهدي دخل الله في مقابلة على الإخبارية السورية
سألت المذيعة الدكتور مهدي دخل الله : «قيل إنّ ترامب قدّم طرحًا للدولة السورية، ربما أقول أقلّ تشدّدًا أو ربما إيجابي في اتجاه سوريا، على أن تخرج سوريا من حلف المقاومة، وأكيد قرأتَ تعليقاتٍ وربما قرارات بأن سوريا تدير ظهرها لبعض حلفائها. بمنطق الواقعية السياسية هل يبدو ذلك فعلًا واقعيًّا ويمكن أن تطرح أميركا مثل هذه الرؤية؟ إذا كانت سوريا لم تفعلها أيام، مثلًا، كولن باول، فهل تفعلها الآن والعلاقة وطيدة وعضوية ومتشابكة كثيرًا مع الحلفاء؟!» فأجاب دخل الله: «إلّا إذا كان هناك وفاق أو تفاهم consensus وليس اتفاق، وفاق روسي – أميركي حول خروج سوريا من محور المقاومة، وهذا ممكن فقط في حالة واحدة.. وأعتقد أنها آتية، حلّ القضية الفلسطينية، يعني تحقيق مبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة، طبعًا التي سوف تكون مرتبطة مع إسرائيل باتفاقات حلفوية دفاعية إلخ.. وهنا علّقت المذيعة قائلة: «وخروج سوريا من حلف المقاومة؟!»، فردّ السيد دخل الله: «تنتهي فكرة المقاومة عندما تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة، أصلًا يكون هدف المقاومة قد تحقّق.. ينتهي السبب. قبل، عندما خرجت مصر في كامب دايفيد كان هذا خطأ لأن القضية الفلسطينية لم تُحلّ، لكن إذا تحقّقت أهداف المقاومة بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهذه الدولة الفلسطينية المستقلة هي حرّة بالتصرّف كيف تشاء في العلاقات الدولية.. تعقد تحالفات مع من تريد، مع إسرائيل أو مع أميركا أو مع من تريد.. الأردن عقدت تحالفات مع إسرائيل، وهذه السعودية تعقد تحالفات مع إسرائيل. يكون قد انتهى هدف المقاومة. تقاوم من؟ إذا كانت الدولة الفلسطينية قد قامت، طبعًا مع عودة الجولان، الذي هو في القانون الدولي يجب أن يعود إلى سوريا، فإذا كان هذا الـconsensus توافق روسي – أميركي ويعملون لأجله، فهذا أيضًا ترضى به سوريا لأن محور المقاومة يكون قد حقّق أهدافه. هذه جدلية العلاقات الدولية. لا يوجد أسود وأبيض باستمرار.» فاعترضت المذيعة قائلة: «هذا قد يكون بعيدًا جدًّا»، فردّ عليها: «قريب جدًّا … وسنرى..».