إلى فاقدي الوعي القومي،
إلى طالبي عودة الانتداب..
اخترنا هذه المقالة للرفيق جورج عبد المسيح المنشورة في ”البناء“، عدد 274، تاريخ 24 تموز 1953، وذلك بمناسبة ذكرى وفاته التي تصادف اليوم.
في 14 أيلول 2020 دائرة النشر
خطر التوجّه إلى الخارج*
”الفرد“ الفاقد الوعي لحقيقة المجتمع، والمجموع الفاقد الشعور بشخصيته الاجتماعية الصحيحة، يبرز فيهما فقدان الوعي بفقدان الفعل الإرادي المحقِّق. وفقدان الفعل الإرادي يظهر في التلفّت إلى خارج الذات للحصول على قوة مساعدة لحلّ المشاكل. ويكون هذا التلفّت، إمّا استجداء مخرّبًا أو استغلالًا مخرّبًا.
الفرد الذي لا تفعل فيه حقيقة المجتمع، فلا تفعل فيه قوةٌ للظفر، ينتظر دائمًا أن يأتي الفرج من الخارج، من آخرين في مجتمعه أو في خارجه. ويستسلم في اتكاليته هذه إلى قوة أخرى. والمجموع من هذا النوع من الأفراد الذين عطّلوا كونهم إمكانية تعبير إرادي عن فعل قوة المجتمع، المجموع أيضًا يستسلم متواكلًا فيعطّل قسطًا أكبر من إمكانيات التعبير الفعلي، المنتِج لتحقيق الظفر.
والذين فهموا المجتمع شيئًا آخر غير حقيقته التي هي هم في استمرارهم في تعاقب أجيالهم، قد عطّلوا كونهم إمكانية وتواكلوا منتظرين أن ”يحلّ المجتمع“ المشاكل فيكون لهم نصيبهم لأنهم منه.
والذين يتلفّتون ليروا مدى ما يقوم به الآخرون، ويقيسوا فعلهم بما يفعل أولئك، ويفاضلون بين عملهم وعمل الآخرين، يخطئون القياس أيضًا. هؤلاء لا تزال مقاييسهم فردية ولا تزال أمراض الأنانية فاعلة فيهم.
إنّ القوة فينا. وقوتنا وحدها هي الكفيلة بحلّ مشاكلنا وتأمين سيرنا في طريق حياتنا الأصيلة العزيزة. وكلّ استسلام أو تواكل أو استغلال للخصوصيات هو هدر للقوة. وهدر القوة يعني حتمًا سيطرة قوة خارجية وسيطرة أية قوة خارجية شرٌّ معرقل وعقبة تشلّ القوة أكثر فأكثر.
القومية الاجتماعية تعني أن نحقّق ما نؤمن بأنه الحقيقة. والحقيقة الكبرى هي مجتمعنا – نحن– فيه القوة القادرة على تغيير وجه التاريخ.
* جورج عبد المسيح: البناء الاجتماعي، الركن للطباعة والنشر، طبعة 1993، ص 307-308.